للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ربنا, انتهينا ربنا! ١.

يقول أنس بن مالك: إني لقائم أسقي أبا طلحة وفلانًا وفلانًا إذ جاء رجل فقال وهل بلغكم الخبر؟

فقالوا: وما ذاك.

قال: حرمت الخمر.

قالوا: أحرق هذه القلال يا أنس.

فما سألوا عنها، ولا راجعوها بعد خبر الرجل٢.

وعن أبي هريرة قال: حرمت الخمر ثلاث مرات، قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وهم يشربون الخمر ويأكلون الميسر، فسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عنهما فأنزل الله عز وجل على نبيه صلى الله عليه وسلم: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا} ٣, فقال الناس ما حرم علينا إنما قال فيهما إثم كبير، وكانوا يشربون الخمر حتى إذا كان يوم من الأيام صلى رجل من المهاجرين أم الصحابة في المغرب خلط في قراءته فأنزل الله فيه آية أغلظ منها: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ} ٤, وكان الناس يشربون حتى يأتي أحدهم الصلاة وهو مفيق، ثم أنزلت آية أغلظ من ذلك: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ، إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ} ٥ فقالوا: انتهينا ربنا.

ووصل الصدق في التسليم والخضوع إلى أن الواحد منهم كانت تتشابه لحظة ضعف


١ انظر سنن النسائي ج٨ ص٢٥٣.
٢ صحيح البخاري كتاب التفسير باب إنما الخمر والميسر ج٧ ص١٩٧.
٣ سورة البقرة: ٢١٩.
٤ سورة النساء: ٤٣.
٥ سورة المائدة: ٩٠، ٩١.

<<  <   >  >>