ولو ذهبت توازن بين المسلمين يومئذ وبين سائر أمم العالم لرأيت عناصر الغلب والامتياز تتجمع لديهم صاعدة، على حين تفور في كيان الأمم الأخرى زلازل عنيفة، فلا غرو إذا صاروا بعد سنوات معدودات دولة فتية تقضي لربها ولنفسها ما تشاء.
وقد وضع صلى الله عليه وسلم من سلوكه مبادئ للعلاقات بين الناس لتحقيق المصلحة للجميع، وتأكيد الأمن لكل فرد.
إن التزام الأمة بتطبيق الإسلام تطبيقًا كاملا واعيًا أبرز كافة عناصر الخير في الإسلام، وحول المسلمين من جماعة همجية إلى أمة متماسكة تسير بالعدل، وتصون الحقوق، وتحفظ الكرامة الإنسانية، وتوجد الأمن والسلام والسعادة، بصورة أصلية ثابتة، وهذا الحال للأمة المسلمة جعل غير المسلمين ينظرون بحب وإعجاب إليهم، ويتمنى أن يكون مثلهم، ولذلك سارع الناس إلى اعتناق الإسلام رغبة، واقتناعًا بعدما شاهدوا تطبيقًا عمليًا بآثاره ونتائجه.
إن الجماعة المؤمنة التي صاحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم عاشت حياتها مجاهدة في سبيل الله فتحركه إلى سائر الآفاق ومعها المصحف والسيف, واستمرت على ذلك حتى تمكنت من صناعة أمة عظيمة تنشر العدل، وتحمي السلام، وتصون الحقوق، وتضمن الكرامة لكل الناس، وقد اعترف الجميع بما نشرته من خير وإصلاح للعاملين.