للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وسياستهم، ففيه كان ينزل الوحي، وفيه يجتمع الأصحاب برسول الله صلى الله عليه وسلم، وعنده التقى الوفود برسول الله صلى الله عليه وسلم، ومنه تتحرك الوسائل، وينطلق الدعاة، وتجهز الجيوش.

لقد أصبح المسجد هو بيت الإسلام في المدينة، وبخاصة بعد أن شرع الله الأذان يدوي في الآفاق خمس مرات في اليوم والليلة، ويتردد صداه في الأفق البعيد.

ويعلم القاصي والداني أن أمة الإسلام عزيزة كريمة تعلن حقيقتها بصوت جهوري مكرر واضح المعالم بين معروف، فالله ربهم وهو الكبير المتعال، ومحمد هو رسولهم، والمبعوث بدين الله فيهم، وهو رائدهم إلى الفوز والفلاح، وإمامهم في الصلاة، وحياتهم هي الإسلام كله.

يقول ابن إسحاق: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قدم المدينة، إنما يجتمع الناس إليه للصلاة لحين مواقيتها بغير دعوة، فهم رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قدمها أن يجعل لها بوقًا كبوق اليهود الذين يدعون به لصلاتهم ثم كرهه، ثم أمر بالناقوس ليضرب به للمسلمين للصلاة، فبينما هم على ذلك إذ رأى عبد الله بن زيد بن ثعلبة بن عبد ربه رضي الله عنه أخو الحارث بن الخزرج النداء، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له: يا رسول الله، إنه طاف بي هذه الليلة طائف؛ مر بي رجل عليه ثوبان أخضران يحمل ناقوسًا في يده فقلت له، يا عبد الله أتببيع هذا الناقوس؟

قال: وما تصنع به؟

قلت: ندعو به إلى الصلاة.

قال: أفلا أدلك على خير من ذلك؟

قلت: وما هو؟

قال: تقول: الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدًا رسول الله، أشهد أن محمدا رسول الله، حي على الصلاة، حي على الصلاة، حي على الفلاح، حي على الفلاح، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله.

فلما أخبر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إنها لرؤيا حق، إن شاء الله, فقم مع بلال فألقها

<<  <   >  >>