للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عليه، فليؤذن بها، فإنه أندى صوتًا منك".

فلما أذن بها بلال سمعها عمر بن الخطاب، وهو في بيته فخرج على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو يجر رداءه، وهو يقول: يا نبي الله، والذي بعثك بالحق لقد رأيت مثل الذي رأى، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فلله الحمد على ذلك" ١.

لقد آخى النبي صلى الله عليه وسلم بينهم فصارت الأخوة رباطًا يربط المسلم بأخيه، ويلزمه بواجبه نحوه، ويجعل العلاقة بينهما كلها حب، وبر، وتكريم، وعلت أخوة العقيدة على أخوة النسب والمصاهرة، وخلا المجتمع من أي صورة غير إسلامية في أي ناحية من نواحي الحياة وأصبح الكل يحافظ على دين الله تعالى بلا مخالفة، أو تردد، ويكتفي به كفاية يعيش بها، ويعمل لها حتى أن أهل الذمة أقروا بحق الله عليهم، واستسلموا لحكم رسول الله صلى الله عليه وسلم وعاشوا بعهد الذمة آمنين في الدولة المسلمة، ولم يتمردوا على المسلمين إلا بعد أن لعب بهم الهوى، وأضلهم شيطانهم، وكان الله لهم بالمرصاد، فدل رسول الله صلى الله عليه وسلم على خيبة أنفسهم، فكان أن طهر الرسول صلى الله عليه وسلم المدينة منهم حتى صارت مدينة خالصة لله ورسوله وأخذت عناصر تنظيم المجتمع تتفاعل، وتؤدي دورها في إطار منهج الله تعالى:

- فالإسلام هو المحرك للحياة، والأحياء.

- والرسول هو رائد الخير، وقائد الناس.

- والمسلمون هم الصورة العملية لدين الله تعالى.

وبذلك قام المجتمع الإسلامي، وظهرت معالمه، واستحق أن ينزل في وصفه قوله تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ} ٢.

واطلع الله على قلوب وأعمال الجماعة المؤمنة فكان معهم بالنصر، والتأييد، ويسر لهم بقدرته أمر الحياة والمعاش وخصهم بما استحقوه من العون، والتوفيق، والسداد.


١ السيرة النبوية ج١ ص٨٠٥.
٢ سورة آل عمران الآية ١١٠.

<<  <   >  >>