للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أتولى الله ورسوله والمؤمنين، وأبرأ من حلف هؤلاء الرجال.

فقام إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله بن أبي بن سلول حين أمكنه الله منهم، فقال: يا محمد أحسن في موالي، وكانوا حلفاء الخزرج، فأبطأ عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم.

فقال ابن أبي: يا محمد أحسن في موالي، فأعرض عنه، فأدخل يده في جيب درع رسول الله صلى الله عليه وسلم من خلفه، وكان يقال لها ذات الفضول.

فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ويحك أرسلني". وغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى رأوا لوجهه ظللا ثم قال: "ويحك أرسلني".

قال: والله لا أرسلك حتى تحسن في موالي: أربعمائة حاسر، وثلاثمائة دارع، قد منعوني من الأحمر والأسود، تحصدهم في غداة واحدة، إني والله امرؤ أخشى الدوائر.

فقال صلى الله عليه وسلم: "خلوهم لعنهم الله". ولعنه معهم، وتركهم من القتل، وأمر بهم أن يجلوا عن المدينة، فخرجوا بعد ثلاث، وولى إخراجهم منها عبادة بن الصامت، وقيل: محمد بن مسلمة، فلحقوا "بأذرعات"١ فما كان أقل بقائهم بها٢.

ووجد المسلمون في منازلهم سلاحًا كثيرًا، وآلة للصياغة، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم صفية والخمس، وقسم أربعة أخماسه على أصحابه، فكان أول خمس وزع بعد "بدر" وكان الذي قبض أموالهم محمد بن مسلمة، وأنزل الله تعالى في شأن عبد الله بن أبي، وفي شأن عبادة بن الصامت قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ، فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ} ٣ أي عبد الله بن أبي وقوله: إني أخشى الدوائر، وهذا ما أشار إليه قوله تعالى: {يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ} أما المؤمنون الصادقون فهم أولياء المؤمنين، يفضلون ولاية الله ورسوله على أي ولاية سواها، وفي ذلك


١ الطبقات الكبرى ج٢ ص٢٩.
٢ المغازي ج١ ص١٧٩.
٣ سورة المائدة: ٥١-٥٢.

<<  <   >  >>