فعن جابر رضي الله عنه: نزلت هذه الآية فينا {إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلَا} والطائفتان هما بنو سلمة وبنو حارثة، وقد عصمهما الله فثبتا {وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا} .
وقالت طائفة من الأوس لرسول الله صلى الله عليه وسلم لما رجع ابن أبي: يا رسول الله ألا تستعين بحلفائنا من يهود بني قريظة، وذلك لأن بني قريظة من حلفاء سعد بن معاذ، وهو سيد الأوس؟!
فقال صلى الله عليه وسلم:"لا حاجة لنا فيهم".
وتحرك الجيش الإسلامي إلى أحد، فبلغها عند صلاة الفجر يوم الخامس عشر من شوال، وهو "يوم المعركة" فأذن بلال وأقام، وصلى صلى الله عليه وسلم بأصحابه الصبح صفوفًا.
وهكذا أراد الله تعالى للمسلمين أن يكونوا وحدهم حماة دينهم، ليعيشوا المسئولية كاملة، ولينتفعوا بما في الجهاد من خير في الدنيا والآخرة، ولذا تطهر الصف الإسلامي من المنافقين وغيرهم، ورفض رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يستعين بغير المسلمين.
ونزل رسول الله صلى الله عليه وسلم الشعب من "أحد" ونظم جيشه في عدوة الوادي إلى الجبل، وجعل ظهره وعسكره إلى "أحد"، ولبس درعه الثانية فوق الأولى، ومغفرًا فوقها، وبيضة فوق المغفر، ثم قال:"لا يقاتلن أحد منكم حتى نأمره بالقتال".
وقد سخرت قريش الظهر والكراع، في زروع كانت بالصمغة، من قناة المسلمين، فقال رجل من الأنصار حين نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن القتال: أترعى زروع بني قبيلة، ولما نضارب١.
وتعبأ رسول الله صلى الله عليه وسلم للقتال، وسبعمائة رجل، وأمر على الرماة عبد الله بن جبير، وهو معلم يومئذ بثياب بيضاء، وكان الرماة خمسين رجلا، فقال لهم صلى الله عليه وسلم:"انضحوا عنا الخيل بالنبل لا يأتونا من خلفنا، إن كانت لنا أو علينا، فاثبتوا مكانكم لا نؤتين من قبلكم". ودفع اللواء إلى مصعب بن عمير، أخي بني عبد الدار.
وكان المسلمون سبعمائة مقاتل فيهم مائة دارع، وفرسان أحدهما لرسول الله صلى الله عليه وسلم والآخر لأبي بردة بن نيار.