للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

١٠- وقاتل مصعب بن عمير بضراوة بالغة، يدافع عن النبي صلى الله عليه وسلم هجوم ابن قمئة وأصحابه، وكان اللواء بيده، فضربوا على يده اليمنى حتى قطعت، فأخذ اللواء بيده اليسرى، وصمد في وجوه الكفار حتى قطعت يده اليسرى، ثم برك عليه بصدره وعنقه حتى قتل، وكان الذي قتله هو ابن قمئة، وهو يظنه رسول الله صلى الله عليه وسلم -لشبهه به- فانصرف ابن قمئة إلى المشركين وصاح: إن محمدًا قد قتل١.

١١- وخرج محمد بن مسلمة يطلب من النساء ماء، وكن قد جئن أربع عشرة امرأة مسلمة منهن فاطمة وأم سليم بنت ملحان، وعائشة أم المؤمنين وحمنة بنت جحش ومنهن أم أيمن رضي الله عنهن، وكن يسقين العطشي، ويداوين الجرحي، ويناولن الطعام، ويحملن على ظهورهن ما يحتاج إليه المقاتلون من طعام، وشراب، وسلاح.

خرج إليهم محمد بن مسلمة فلم يجد عندهم ماء، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد عطش عطشًا شديدًا، فذهب محمد إلى قناة بها ماء حتى استقى وأتى بماء عذب، فشرب رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعا له بخير، وجعل الدم لا ينقطع.

فلما رأت فاطمة الدم لا يرفأ، وهي تغسله وعلي يصب الماء عليها بالمجن، أخذت قطعة حصير فأحرقته حتى صار رمادًا، ثم ألصقته بالجرح فاستمسك الدم، ويقال: إن فاطمة رضي الله عنها داوته بصوفه محترقة، وكان صلى الله عليه وسلم بعد ذلك يداوي الجرح في وجهه بعظم بال حتى يذهب أثره، ومكث يجد وهن ضربة ابن قمئة على عاتقه شهرًا أو أكثر من شهر٢.

١٢- وكان شماس بن عثمان بن الشريد المخزومي لا يرمي رسول الله صلى الله عليه وسلم ببصره يمينًا وشمالا إلا رآه في ذلك الوجه يذب بسيفه، حتى غشي رسول الله صلى الله عليه وسلم فترس بنفسه دونه حتى قتل رحمه الله، فذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما وجدت لشماس شبهًا إلا الجنة" ٣.

١٣- ولقي رشيد الفارسي مولى بني معاوية رجلا من المشركين قد ضرب سعدًا مولى حاطب، فضربه على عاتقه فقتله، فاعترض له أخوه فقتله أيضًا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أحسنت يا أبا عبد الله وكناه يومئذ ولا ولد له" ٤.


١ صحيح البخاري كتاب المغازي باب غزوة أحد ج٦ ص٢٨٨.
٢ البداية والنهاية ج٤ ص٣٠.
٣ إمتاع الأسماع ج١ ص١٤٤.
٤ المرجع السابق ج١ ص١٤٦.

<<  <   >  >>