للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

١٤- وقال مخيريق من أحبار يهود لقومه: يا معشر يهود! والله إنكم لتعلمون أن محمدًا لنبي، وأن نصره عليكم لحق! ثم أخذ سلاحه، وحضر أحدًا مع النبي صلى الله عليه وسلم فقتل؛ وقال حين خرج: إن أصبت فأموالي لمحمد يضعها حيث أراد الله، فهي عامة صدقات رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال فيه صلى الله عليه وسلم: "مخيريق خير يهود".

في ذلك الظرف الدقيق، والساعة الحرجة، أنزل الله نصره على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأرسل ملائكته لحمايته والدفاع عنه، وتخذيل المشركين وصرفهم من أن ينالوه صلى الله عليه وسلم بسوء، وقد كان هدفهم الأول قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم ففي الصحيحين عند سعد قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم "أحد"، ومعه رجلان يقاتلان عنه، عليهما ثياب بيض كأشد القتال ما رأيتهما قبل ولا بعد، يعني جبريل وميكائيل٢.

وقد نزلت الملائكة يوم أحد، إلا أنها لم تقاتل لعدم صبر المؤمنين، الذي جعله الله تعالى شرطًا لاشتراك الملائكة في القتال، وقيل: بل نزلوا فرادى دفاعًا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ومنّ الله على المجاهدين، الذين أحاطوا برسول الله صلى الله عليه وسلم وتكاتفوا في الدفاع والصمود منّ عليهم سبحانه وتعالى بنعاس، فناموا وذهب ما بهم من حزن وتعب.

يقول طلحة بن عبيد الله: غشينا النعاس حتى كان جحف القوم تتناطح.

ويقول الزبير بن العوام: غشينا النعاس فما منا رجل إلا وذقنه في صدره من النوم فأسمع متعب بن قشير يقول، وإني لكالحالم {لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا} ٣.

فأنزل الله تعالى فيه: {قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} ٤.

يقول أبو اليسر: لقد رأيتني يومئذ في أربعة عشر رجلا من قومي إلى جنب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أصابنا النعاس أمنة منه، ما منهم رجل إلا يغط غطيطًا حتى إن الحجف لتتناطح لقد رأيت سيف بشر بن البراء بن معرور يسقط من يده وما يشعر به، وأخذه بعدما تثلم وإن


١ المغازي ج١ ص٢٦٢، ٢٦٣.
٢ صحيح البخاري كتاب المغازي باب غزوة أحد ج٦ ص٢٩٢.
٣ سورة آل عمران: ١٥٤.
٤ سورة آل عمران: ١٥٤.

<<  <   >  >>