للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقال الزبير بن العوام: فتوسمت أنها أمي صفية.

فقال صلى الله عليه وسلم له: "القها فأرجعها لا ترى ما بأخيها". فخرج الزبير يسعى فأدركها، قبل أن تنتهي إلى القتلى، فردها فلكمت صدره، وكانت امراة جلدة وقالت: إليك عني لا أرض لك١.

فقال الزبير لها: يا أمه إن رسول الله يأمرك أن ترجعي.

قالت: ولِمَ؟ وقد بلغني أنه قد مثل بأخي, وذلك في الله، فما أرضانا بما كان من ذلك فلأصبرن، وأحتسبن إن شاء الله.

فجاء الزبير إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره.

فقال صلى الله عليه وسلم: "خل سبيلها".

فأتته فنظرت إليه، واسترجعت، واستغفرت له٢.

وروى الإمام أحمد وأبو يعلى والبزار عن الزبير والطبراني بسند رجاله ثقات، عن ابن عباس: أن صفية رضي الله عنها أتت بثوبين معها فقالت: هذان ثوبان جئت بهما لأخي حمزة، فقد بلغني مقتله فكفنوه فيهما.

يقول ابن عباس رضي الله عنه: فجئنا بالثوبين لنلفه فيهما، فإذا إلى جنبه رجل من الأنصار، فعل به مثل ما فعل بحمزة، فوجدنا غضاضة وحياء أن نكفن حمزة في ثوبين، والأنصاري لا كفن له.

فقلنا: لحمزة ثوب، وللأنصاري ثوب، فكان أحدهما أكبر من الآخر، فأقرعنا بينهما فكفنا كلا منهما في الثوب الذي صار٣.

وأراد أبو قتادة الأنصاري رضي الله عنه أن ينال من قريش، لما رأى من غم رسول الله صلى الله عليه وسلم في قتل حمزة وما مثل به، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يشير إليه أن اجلس وكان قائمًا، ثم قال صلى الله عليه وسلم له: "يا أبا قتادة، إن قريشًا أهل أمانة من بغاهم العواثر أكبه الله تعالى لفيه، وعسى


١ بغية الرائد في تحقيق مجمع الزوائد ج٦ ص١٧٠.
٢ سيرة النبي ج٢ ص٩٧.
٣ بغية الرائد في تحقيق مجمع الزوائد ج٦ ص١٧٠.

<<  <   >  >>