وإضعافهم، وعليهم أن يلجئوا إلى الله مولاهم، وناصرهم, والله سبحانه وتعالى كفيل بإلقاء الرعب في قلوب الأعداء، وإنزال العقوبات الماحقة بهم في الدنيا وفي الآخرة ثم ذكر الله المؤمنين بما أصيبوا به من فزع، وهلع، وفرار، وترك لرسول الله وهو يناديهم, وعليهم أن يندموا على ما حدث منهم، ويعودوا إلى ما يجب أن يقوموا به ثم بين الله سبحانه وتعالى مننه على المجاهدين، إذ أصابهم النعاس، فأمنت نفوسهم، وهدأت أصواتهم فيقول تعالى:{ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعَاسًا يَغْشَى طَائِفَةً مِنْكُمْ وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَلْ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ مَا لَا يُبْدُونَ لَكَ يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ، إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا وَقَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ إِذَا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ أَوْ كَانُوا غُزًّى لَوْ كَانُوا عِنْدَنَا مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا لِيَجْعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} ١.
وفي الآيات بيان لما أنزل الله عليهم من نعاس أصاب المؤمنين دون غيرهم من المنافقين الذين أخذوا يشككون المؤمنين في إيمانهم، وهم يظنون بالله ظنًا سيئًا، فرد الله عليهم بأن الأمر كله لله، وأن الموت حق مقدر يأتي لصاحبه عند حلول أجله، أيًا كان مكانه وزمانه، وقد أخفى الله الأجل عن الناس ليبتليهم، ويختبرهم, كما ابتلى المسلمين يوم "أحد".
وتبين الآيات ما كان من المنافقين، وتفصل في صفاتهم، وحيلتهم في توهين المسلمين.