للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وبث الذعر في قلوبهم وبخاصة حينما انسحبوا من ميدان المعركة وعلى رأسهم عبد الله بن أبي متعللين بعدم وجود قتال زاعمين أنهم لو تأكدوا من تحقق القتال لبقوا، وهذا كذب يقولونه بألسنتهم وليس منه في قلوبهم شيء يقول الله تعالى: {وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا قَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوِ ادْفَعُوا قَالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتَالًا لَاتَّبَعْنَاكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمَانِ يَقُولُونَ بِأَفْواهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ، الَّذِينَ قَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا قُلْ فَادْرَءُوا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} ١.

وقد كشف الله المنافقين، وعرف بهم وربطهم بمقالتهم فهم الذين قالوا: لو نعلم قتالا لاتبعناكم، وهم الذين قالوا: لو أطاعونا ما قتلوا.

إن الأمر كله بيد الله، والمنافقون لا يعلمون الغيب وإن كان في مقدورهم منع القتل فليدرءوا الموت عن أنفسهم إن كانوا صادقين.

وأخيرًا تتحدث الآيات عن الشهداء فيقول الله تعالى: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ، فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ، يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ} ٢.

ومنزلة الشهداء عند الله عالية، فهم أحياء عنده سبحانه وتعالى، يجري عليهم الرزق ويعيشون في بشر وسرور، ولا ينالهم خوف ولا حزن، ويدومون في الخير، والنعيم المقيم.

يقول الشيخ محمد الغزالي معلقًا على حديث القرآن الكريم عن غزوة "أحد": ترفق القرآن الكريم وهو يعقب على ما أصاب المسلمين في "أحد" على عكس ما نزل في "بدر" من آيات، ولا غرو فحساب المنتصر على أخطائه أشد من حساب المنكسر، في المرة الأولى قال تعالى: {تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ، لَوْلَا


١ سورة آل عمران: ١٦٧، ١٦٨.
٢ سورة آل عمران: ١٦٩-١٧١.

<<  <   >  >>