للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عرفوه إمامًا لهم في الحق، وصلة لهم بالله، وهو أول المؤمنين، وأول الصابرين.

فإذا مات عبد الله ظلت الصلة الكبرى بالحي الذي لا يموت باقية ثاقبة، كما بين ذلك قوله تعالى: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ} ١.

وقد استطرد النظم الكريم يبصر المؤمنين بمواطن العبرة فيما نالهم، ويعلمهم كيف يتقون في المستقبل هذه المآزق، وكيف يستفيدون من هذه الكبوة العارضة بعد أن عزل عن جماعة المسلمين من خالطوهم على دخل، وعاشروهم على نفاق.

ولئن أفادت وقعة "بدر" خذلان الكافرين فإن وقعة "أحد" أفادت فضح المافقين، ورب ضارة نافعة، وربما صحت الأجسام بالعلل.

ولعل ما ترتب على عصيان الأوامر في هذه الموقعة، درس عميق تعلم منه المسلمون قيمة الطاعة، فالجماعة التي لا يحكمها أمر واحد، أو التي تغلب على أفرادها، وطوائفها النزعات الفردية النافرة لا تنجح في صدام، بل لا تشرف نفسها في حرب أو سلام.

إن الحياة تحتاج من المسلمين أن يعيشوا أمة متكاملة تعرف طريقها، وتحدد غاياتها وتلتزم بكل ما جاءها من عند الله تعالى, وعليهم أن يبذلوا كل جهدهم كما أمروا ولا يستسلموا لأحلام النصر, أو خطرات اليأس, وليتقنوا دائمًا أن الدنيا هي دار السعي والعمل والصبر والتحمل, وأن الآخرة هي دار الخير والسلام ومن يعمل مثقال ذرة خيرًا يره، ومن يعمل مثقال ذرة شرًا يره.


١ سورة آل عمران: ١٤٤.

<<  <   >  >>