المسلمين في المعارك التي حدثت بعد ذلك، وتأكدوا من نتائج المخالفة، وآثارها السيئة فلم يقعوا فيها، واستمروا يعملون بمقتضى الأمر الصريح، والنص الفصيح، والتزموا حدود الاتباع ودقة الطاعة.
٤- لم تحقق قريش شيئًا من أهدافها التي جاءت من أجلها، فلا هي قضت على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم تستول على المدينة، ولم تمنع المسلمين من الحركة بدينهم، وتطبيق شريعة الله تعالى ولم تحرر طرقها التجارية إلى الشام، ولذلك عند نصرها نصرًا جزئيًا مؤقتًا.
يقول الأستاذ محمود شيت خطاب: لا أتفق مع المؤرخين في اعتبار نتيجة غزوة "أحد" نصرًا للمشركين، واندحارًا للمسلمين؛ لأن مناقشة المعركة عسكريًا تظهر انتصار المسلمين على الرغم من خسائرهم الفادحة بالأرواح في هذه المعركة ونبدأ المناقشة من الوجهة العسكرية البحتة، لأظهار حقيقة نتائج غزوة أحد.
لقد انتصر المسلمون في ابتداء المعركة حتى استطاعوا طرد المشركين من معسكرهم والإحاطة بنسائهم وأموالهم، وتعفير لوائهم في التراب، ولكن التفاف خالد بن الوليد وراء المسلمين، وقطع خط رجعتهم، وهجوم المشركين من الإمام جعل قوات المشركين تطبق من كافة الجوانب على قوات المسلمين، هذا الموقف في المعركة جعل خسائر المسلمين تتكاثر، ولكن بقي النصر بجانبهم إلى الوقت الأخير.
إن نتيجة كل معركة عسكرية لا تقاس علميًا، وواقعيًا، بعدد الخسائر في الأرواح فقط بل تقاس بالحصول على هدف القتال الحيوي، وهو القضاء المبرم على العدو ماديًا ومعنويًا؟؟ فهل استطاع المشركون القضاء على المسلمين ماديًا أو ومعنويًا؟ ١
إن حركة خالد كانت مباغتة للمسلمين بلا شك، وقيام المشركين بالهجوم المقابل وإطباقهم على قوات المسلمين من كافة الجوانب وهم متفوقون بالعدد إلى خمسة أمثال المسلمين، كل ذلك كان يجب أن تكون نتائجه القضاء الأكيد على كافة قوات المسلمين، لكن ذلك لم يحدث، ولا يمكن أن يعد التفاف قوة متفوقة تفوقًا ساحقًا على قوة صغيرة من جميع جوانبها، ثم نجاة تلك القوة الصغيرة بعد خسائر العشر فقط من عددها هزيمة، لا يعد ذلك إلا انتصارًا لتلك القوة الصغيرة، ولا يمكن اعتبار فشل القوة الكبيرة في القضاء على القوة الصغيرة ماديًا في مثل هذا الموقف الحرج للغاية، انتصارًا بل هو الفشل