للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واستفاد النبي صلى الله عليه وسلم من عنصر المفاجأة، والمباغتة، ولذلك كان المجاهدون يسيرون بالليل، ويكمنون بالنهار, واستفاد الرسول من سلاح الضغط المعنوي، وإرهاب العدو حتى يتحقق السلام بلا قتال، وتصان الحقوق بلا دماء, ولهذا كان تحركه في حمراء الأسد، وإشعاله النيران الكثيفة والمتعددة ليلا ليشعر العدو أن الجيش الإسلامي كثير العدد قوي العدة.

وكان صلى الله عليه وسلم يرسل لكل جماعة ما يكافئها من الرجال عددًا، واستعدادًا، حتى لقد بلغ عدد المسلمين في بعض الغزوات ألفًا وخمسمائة مقاتل، وفي بعضها الآخر كانت السرية مكونة من رجل واحد فقط.

وفي خضم الصراع بين المسلمين وأعداء الإسلام لم تغب الدعوة إلى الله تعالى، وإنما كان صلى الله عليه وسلم يعلم أصحابه ما نزل من القرآن الكريم، ويفهمهم أحكام الإسلام التي جاء الوحي بها، ويتابع تحفيظهم الوحي المنزل، وترسيخه في حياتهم وسلوكهم، وإن العقل يندهش لاستيعاب المسلمين لكل الوحي الذي تتابع نزوله مع كثرة السرايا وتعدد المهام.

وكان التوجيه النبوي مرتبطًا بالأحداث والوقائع، فكلما حدث أمر ظهر حكمه وإذا احتاج المسلمون لمسألة وسألوا عنها كان الجواب الشافي يأتيهم من الله ورسوله صلى الله عليه وسلم فتعلموا بذلك ضرورة التلقي من الوحي، وملازمة الطاعة والاتباع، وعلموا أن الالتزام بحكم الله أساس الإيمان، وطريق الفوز والفلاح وكانوا بحق نعم الرجال، ونعم المؤمنين، وخير أمة أخرجت للناس.

ومن خلال السرايا والغزوات تعلم المسلمون أحكام الفيء وفهموا أن الفيء هو المال الذي يقع في أيديهم من أعدائهم بلا قتال، أو مواجهة، وقد فصل لهم الرسول صلى الله عليه وسلم حكم الله فيه، يوزعه على ذي القربى، واليتامى، والمساكين، وابن السبيل حتى لا يبقى المال في أيدي الأغنياء وحدهم, ولذلك وزع أموال بني النضير على المهاجرين وحدهم، ولم يشاركهم من الأنصار إلا رجلين شكوا الفقر والعالة لرسول الله صلى الله عليه وسلم.

وتعلم المسلمون كذلك مشروعية القنوت، والدعاء على الأعداء في صلواتهم، وعلموا كيفيتها، وترتيبها في أعمال الصلاة، وبذلك وقفوا على سلاح قوي يساعدهم في النصر على أعداء الله تعالى.

<<  <   >  >>