للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تقتل أبي فيما بلغك عنه فمرني به، فوالله لأحملن إليك رأسه قبل أن تقوم من مجلسك هذا، والله لقد علمت الخزرج ما كان فيها رجل أبر بوالده مني، وإني لأخشى يا رسول الله أن تأمر غيري فيقتله فتدعوني نفسي أن أنظر إلى قاتل أبي فأقتله فأدخل النار وعفوك أفضل، ومنك أعظم.

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما أردت قتله، وما أمرت به، ولنحسن صحبته ما كان بين أظهرنا".

فقال عبد الله: إن أبي كانت هذه البحيرة قد اتسقوا عليه ليتوجوه، فجاء الله بك فوضعه ورفعنا بك، ومعه قوم يطيفون به يذكرونه أمورًا قد غلب الله عليها١.

وانتهز المنافقون حادثة أخرى وقعت حين رجوع المسلمين من المريسيع هي "حادثة الإفك" التي ظهرت بين المسلمين فتلقفها ابن أبي، وتولى كبر إذاعتها ونشرها وكما أخزاه الله تعالى بنزول القرآن الكريم في تأكيد كذبه في المرة الأولى أخزاه مرة أخرى بنزول براءة السيدة عائشة رضي الله عنها من فوق سبع سماوات٢.

وسجل القرآن الكريم هذين الموقفين ليعلم المؤمنون طبائع المنافقين، وليأخذوا حذرهم الدائم منهم.

وزاد الله خزي المنافقين مرة أخرى، فإنه لما نزل المسلمون عند ماء يقال له "بقعاء" أخذتهم ريح شديدة، استمرت إلى أن زالت الشمس ثم هدأت، وخاف المسلمون أن تكون هذه الريح لمواجهة "عيينة بن حصن" ظنًا منهم أن يهاجم ظهورهم في المدينة، فقال لهم صلى الله عليه وسلم: "ليس عليكم بأس منها فما بالمدينة من نقب إلا عليه ملك يحرسه، وما كان ليدخلها عدو حتى تأتوها، ولكنه مات اليوم منافق عظيم النفاق". وهو "رفاعة بن زيد بن التابوت" وكانت هذه الريح أيضًا بالمدينة حتى دفن عدو الله فسكت.

وقال عبادة بن الصامت يومئذ لابن أبي: مات خليلك.

قال: أي أخلائي.


١ سيرة النبي ج٢ ص٢٩٣.
٢ هذه الحادثة هي حادثة الإفك التي سبق ذكرها في ص١٦٢-١٦٥ عند الحديث عن حسن معاملة رسول الله صلى الله عليه وسلم لزوجاته رضي الله عنهن.

<<  <   >  >>