للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كثيرًا وذلك بوقوع ما عرف بقصة "أبي بصير" وهو عتبة بن أسيد الثقفي رضي الله عنه فلقد أسلم بعد الصلح في مكة، وهرب منها وجاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة، فأرسل قومه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يطلبون رده إلى قريش تطبيقًا لبنود الصلح، وحمل الطلب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم "خنيس بن جابر العامري" ومولى لهم يسمى "كوثر" على بعير لهم ليعود بأبي بصير إلى مكة.

فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم: أبا بصير أن يرجع معهم، ودفعه إليهما.

فقال أبو بصير: يا رسول الله! تردني إلى المشركين يفتنوني في ديني!

فقال صلى الله عليه وسلم: " يا أبا بصير! إنا قد أعطينا هؤلاء القوم ما قد علمت، ولا يصلح لنا في ديننا الغدر، وإن الله جاعل لك ولمن معك من المسلمين فرجًا ومخرجًا".

فقال أبو بصير: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم، تردني إلى المشركين.

قال صلى الله عليه وسلم: "انطلق أبا بصير، فإن الله سيجعل لك مخرجًا". ودفعه إلى العامري وصاحبه.

فخرج أبو بصير معهما، وجعل المسلمون يسرون إلى أبي بصير: يا أبا بصير! أبشر فإن الله جاعل لك مخرجًا، والرجل يكون خيرًا من ألف رجل، فافعل، وافعل يأمرونه بالذين معه لينقذ نفسه منهم فهذا حقه، وليفعل ما سيفعله قبل أن يفعل به، وقد أعد القرشيون للعودة به عدتهم، فلما وصلا به إلى ذي الحليفة عند صلاة الظهر صلى أبو بصير في مسجدها ركعتين صلاة المسافر, ومعه زاد له من تمر يحمله فمال إلى جدار المسجد فوضع زاده فجعل يتغدى ودعاهما للطعام فقالا له: لا حاجة لنا في طعامك.

فقال لهم: ولكني لو دعوتموني إلى طعامكم لأجبتكم وأكلت معكم، فاستحيوا وأكلوا.

وقد علق العامري سيفه أثناء الطعام على الجدار، وتحادثوا وقد أمن كل منهم للآخر فقال أبو بصير: يا أخا بني عامر ما اسمك؟

قال: خنيس.

قال: ابن من؟

<<  <   >  >>