للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي النطاة وقد ملأه اليهود بالطعام، وأسكنوا فيه الذراري، والنساء.

قام المسلمون بالهجوم عليه تحت قيادة الحباب بن المنذر الأنصاري، ففرضوا عليه الحصار ثلاثة أيام، وفي اليوم الثالث جاء بنو سهم للنبي صلى الله عليه وسلم وشكوا إليه حالهم، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم: لفتح هذا الحصن دعوة خاصة.

فقال صلى الله عليه وسلم: "اللهم إنك قد عرفت حالهم، وأن ليست بهم قوة، وأن ليس بيدي شيء أعطيهم إياه، فافتح عليهم أعظم حصونها عنهم غناء، وأكثرها طعامًا وودكًا". فغدا الناس ففتح الله عز وجل حصن الصعب بن معاذ، وما بخيبر حصن كان أكثر طعامًا وودكًا منه١.

ولما ندب النبي صلى الله عليه وسلم المسلمون بعد دعائه لمهاجمة هذا الحصن، كان بنو أسلم هم المقاديم في المهاجمة، ودار البراز والقتال أمام الحصن، وقد فتح الحصن في ذلك اليوم وهو الثالث قبل أن تغرب الشمس، ووجد فيه المسلمون بعض المنجنيقات والدبابات.

وبعد فتح حصن ناعم والصعب تحول اليهود إلى قلعة الزبير، وهو حصن منيع في رأس تلة عالية، لا تقدر عليه الخيل والرجال لصعوبته وامتناعه، ففرض عليه رسول الله الحصار، وأقام محاصرًا له ثلاثة أيام، فجاء رجل من اليهود، وقال: يا أبا القاسم إنك لو أقمت شهرا ما بالوا، إن لهم شرابًا وعيونًا تحت الأرض، يخرجون بالليل يشربون منها، ثم يرجعون إلى قلعتهم فيمتنعون منك، فإن قطعت مشربهم عليهم أصحروا لك، فقطع ماءهم عليهم، فخرجوا فقاتلوا أشد القتال وقتل فيه نفر من المسلمين، وأصيب نحو العشرة من اليهود، وافتتحه رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وبعد فتح قلعة الزبير انتقل اليهود إلى الشق، وتحصنوا بقلعة أبي، ففرض المسلمون عليهم الحصار، فلما طلب اليهود المبارزة وخرج منهم رجلان بارزهم المسلمون، وقتلوهما.

وكان الذي قتل المبارز الثاني هو البطل المشهور أبو دجانة سماك بن خرشة الأنصاري صاحب العصابة الحمراء، وقد أسرع أبو دجانة بعد قتله إلى اقتحام القلعة،


١ الرحيق المختوم ص٣٧٠، ٣٧١.

<<  <   >  >>