للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وستجدون رجالا في الصوامع معتزلين للناس، فلا تتعرضوا لهم وستجدون آخرين في رءوسهم مفاحص الغدر والهوى فاقلعوها بالسيوف.

ولا تقتلن امرأة ولا صغيرًا ضرعًا، ولا كبيرًا فانيًا، ولا تغرقن نخلا، ولا تقلعن شجرًا ولا تهدموا بيتًا"١.

وقال عبد الله بن رواحة: يا رسول الله، مرني بشيء أحفظه عنك.

قال صلى الله عليه وسلم: "إنك قادم غدًا بلدًا، السجود فيه قليل فأكثر السجود".

قال ابن رواحة: زدني يا رسول الله.

قال صلى الله عليه وسلم: "اذكر الله، فإنه عون لك على ما تطلب".

فقام عبد الله من عنده، حتى إذا مضى ذاهبًا رجع.

فقال: يا رسول الله! إن الله وتر يحب الوتر.

فقال: "يابن رواحة، ما عجزت فلا تعجزن إن أسأت عشرًا أن تحسن واحدة".

فقال: لا أسألك عن شيء بعدها٢.

ومضى المسلمون، وقد أمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ينتهوا إلى مقتل الحارث بن عمير وسمع العدو بمسيرهم فجمعوا لهم، فقام فيهم رجل من الأزد يقال له: شرحبيل بن عمرو الغساني، وقدم الطلائع أمامه، وبعث أخاه سدوس بن عمرو في خمسين فلقوا المسلمين بوادي القرى فقاتلهم المسلمون وقتلوا سدوسًا.

ونزلوا معان من أرض الشام، فبلغهم أن هرقل قد نزل مآب من البلقاء في مائة ألف من الروم، ومعه من بهراء ووائل، وبكر، ولخم، وجذام مائة ألف عليهم رجل من بلى يقال له: مالك.

فأقاموا ليلتين بـ"معان" وأرادوا أن يكتبوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالخبر ليردهم أو يزيدهم رجالا، فشجعهم عبد الله بن رواحة وقال: والله ما كنا نقاتل الناس بكثرة عدد، ولا بكثرة سلاح، ولا بكثرة خيول، إلا بهذا الدين الذي أكرمنا الله به،


١ إمتاع الأسماع ج١ ص٣٤٨، ٣٤٩.
٢ المغازي ج٢ ص٧٥٦-٧٥٨.

<<  <   >  >>