للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقال أبو بكر: فداء له أبي وأمي، والله ما جاء به في هذه الساعة إلا أمر. تقول عائشة: فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستأذن، فأذن له.

فلما دخل صلى الله عليه وسلم قال لأبي بكر: "أخرج من عندك".

فقال أبو بكر: إنما هم أهلك١ بأبي أنت يا رسول الله.

قال صلى الله عليه وسلم: "فإني قد أذن لي في الخروج".

فقال أبو بكر: الصحابة٢ بأبي أنت يا رسول الله.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "نعم".

قال أبو بكر: فخذ بأبي أنت يا رسول الله إحدى راحلتي هاتين.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بالثمن" ٣.

قالت عائشة: فجهزناهما أحث الجهاز٤ وصنعنا لهما سفرة في جراب٥.

وقد نظم رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر الهجرة وحدد لجميع من سيساعده دوره وعمله، كما سيتضح ذلك من عمل علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وعبد الله بن أبي بكر، وعامر بن فهيرة، وعبد الله بن أريقط، وأسماء بنت أبي بكر.

٢- مبيت علي رضي الله عنه على فراشه صلى الله عليه وسلم:

لما عزم رسول الله صلى الله عليه وسلم على الهجرة وعلمت قريش ذلك، وخافت على نفسها من أثر إيجاد قوة للمسلمين خارج مكة، قررت قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم وفق الخطة التي قرروها في اجتماع دار الندوة.

وفي الليلة التي عزم الرسول صلى الله عليه وسلم على الهجرة فيها، تجمع فتيان قريش حول


١ أراد بذلك عائشة وأسماء، والمقصود أنهم من أهل دينك فلا تخش منهم، كما جاء في رواية موسى بن عقبة ففي روايته: "أخرج من عندك"، قال: لا عين عليك، إنما هما ابنتاي.
٢ أي أريد مصاحبتك يا رسول الله.
٣ مع أن أبا بكر أنفق الكثير من ماله على الدعوة ورسولها، إلا أن الرسول صلى الله عليه وسلم حرص على دفع الثمن حتى لا تكون هجرته إلا من مال نفسه.
٤ أفعل تفضيل من الحث وهو الإسراع، والجهاز: ما يحتاج إليه في السفر.
٥ أي زادًا في جراب، وأصل السفرة الزاد ثم استعملت في وعاء الزاد، وإنما أرادت السيدة عائشة من اللفظة هنا أصلها اللغوي.

<<  <   >  >>