للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال صلى الله عليه وسلم: "نعم من دخل دار أبي سفيان فهو آمن، ومن أغلق عليه بابه فهو آمن، ومن دخل المسجد الحرام فهو آمن" ١.

وفي صباح يوم الثلاثاء للسابع عشر من شهر رمضان سنة ثمان غادر رسول الله صلى الله عليه وسلم مر الظهران إلى مكة، وأمر العباس أن يحبس أبا سفيان بمضيق الوادي عند خطم الجبل، حتى تمر به جنود الله فيراها ففعل، فمرت القبائل على راياتها، كلما مرت به قبيلة قال: يا عباس من هذه؟ فيقول مثلا: سليم، فيقول: ما لي ولسليم؟ ثم تمر به القبيلة فيقول: يا عباس من هؤلاء؟ فيقول: مزينة، فيقول: ما لي ولمزينة؟ حتى نفدت القبائل، ما تمر به قبيلة إلا سأل العباس عنها، فإذا أخبره قال: ما لي ولبني فلان؟ حتى مر به رسول الله صلى الله عليه وسلم في كتيبته الخضراء، فيها المهاجرون والأنصار، لا يرى منهم إلا الحدق من الحديد قال: سبحان الله يا عباس من هؤلاء.

قال: هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم مع المهاجرين والأنصار.

قال: ما لأحد بهؤلاء قبل ولا طاقة، والله يا أبا الفضل لقد أصبح ملك ابن أخيك اليوم عظيمًا.

قال العباس: يا أبا سفيان، إنها النبوة.

قال: فنعم إذن٢.

وكانت راية الأنصار مع سعد بن عبادة، فلما مر بأبي سفيان قال له: اليوم يوم الملحمة، اليوم تستحل الحرمة، اليوم أذل الله قريشًا، فلما حاذى رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا سفيان قال أبو سفيان: يا رسول الله ألم تسمع ما قال سعد؟

قال: وما قال؟

قال: كذا وكذا.

وقال عثمان وعبد الرحمن بن عوف: يا رسول الله ما نأمن أن يكون له في قريش صولة.

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بل اليوم يوم تعظم فيه الكعبة، اليوم يوم أعز الله فيها قريشًا".


١ زاد المعاد ج٣ ص٤٠١، ٤٠٢, بغية الرائد في تحقيق مجمع الزوائد ج٦ ص٢٤٤.
٢ بغية الرائد في تحقيق مجمع الزوائد ج٦ ص٢٤١.

<<  <   >  >>