أحد من قريش فاحصدوهم حصدًا، حتى توافوني على الصفا".
وكان الزبير بن العوام على الميسرة، وكان معه راية رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمره أن يدخل مكة من أعلاها، من كداء، وأن يغرز رايته بالحجون، ولا يبرح حتى يأتيه.
وكان أبو عبيدة على الرجالة والحسر، وهم الذين لا سلاح معهم، فأمره أن يأخذ بطن الوادي، ويدخل مكة من الشمال الغربي في اتجاه جبل هند حتى يأتي لمكة بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وتحركت كل كتيبة من الجيش الإسلامي على الطريق حدده لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فأما خالد وأصحابه فلم يلقهم أحد من المشركين إلا أناموه، وقتل من أصحابه كرز بن جابر الفهري، وخنيس بن خالد بن ربيعة، كانا قد شذا عن الجيش، فسلكا طريقًا غير طريقه فقتلا جميعًا، وأما السفهاء من قريش فلقيهم خالد وأصحابه بالخندمة فناوشوهم شيئًا من قتال، فأصابوا من المشركين اثني عشر رجلا وانهزم المشركون شر هزيمة.
وانهزم حماس بن قيس، الذي كان يعد السلاح لقتال المسلمين، حتى دخل بيته، فقال لامرأته: أغلقي عليّ بابي.
فقالت: وأين ما كنت تقول؟
فقال لها:
وأنت لو رأيتنا بالخندمه ... إذ فر صفوان وفر عكرمه
واستقبلتنا بالسيوف المسلمه ... يقطعن كل ساعد وجمجمه
ضربًا فلا يسمع إلا غمغمه ... لهم نهيت خلفنا وهمهمه
لم تنطقي في اللوم أدنى كلمه
وأقبل خالد يجوس مكة حتى وافى رسول الله صلى الله عليه وسلم على الصفا.
وأما الزبير فتقدم حتى نصب راية رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحجون عند مسجد الفتح، وضرب له هناك قبة، فلم يبرح حتى جاءه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ثم نهض رسول الله صلى الله عليه وسلم، والمهاجرون والأنصار بين يديه وخلفه وحوله، حتى دخل المسجد، فأقبل إلى الحجر الأسود، فاستلمه، ثم طاف بالبيت، وفي يده قوس وحول