للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رجالهم جاءوا واستعدوا لتحقيق هذه الغاية.

يذكر السهيلي أن الرجال حينما هموا بالدخول لقتل رسول الله صلى الله عليه وسلم، سمعوا صياح امرأة من داخل الدار، فقال بعضهم لبعض: والله إنها لسبة في العرب أن يتحدث الناس عنا أنا تسورنا الحيطان على بنات العم، وهتكنا ستر حرمتنا١.

وهكذا جرى قدر الله، وخرج الرسول صلى الله عليه وسلم ليلا إلى دار أبي بكر، وصرف الله أهل مكة عن حراسة الطرق المؤدية إلى بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ظنًا منهم أنهم أحكموا الخطة، ولن يتمكن محمد صلى الله عليه وسلم من الخروج من بيته ورجالهم يحيطون به.

ووصل محمد صلى الله عليه وسلم إلى بيت أبي بكر فاصطحبه وذهبا سويًا إلى الغار.

٣- الوصول إلى غار ثور:

خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من داره ليلا وذهب مسرعًا إلى دار أبي بكر فوجده مستعدًا للرحيل، فخرجا سويًا من خوخة في ظهر بيت أبي بكر، وسارا معًا في نفس الليلة إلى الغار المتفق على الاختباء فيه، وعندما وصلا إلى الغار طلب أبو بكر من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ينتظر حتى يدخل هو الغار ينظر ما فيه، وذلك من باب الحرص على سلامة رسول الله صلى الله عليه وسلم فلربما كان في الغار حيوان مؤذ، يتصدى له أبو بكر فداء لرسول الله صلى الله عليه وسلم.

عن ابن أبي مليكة أن النبي صلى الله عليه وسلم لما خرج هو وأبو بكر إلى ثور فجعل أبو بكر يكون أمام النبي صلى الله عليه وسلم مرة، وخلفه مرة، فسأله النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال: إذا كنت خلفك خشيت أن تؤتى من أمامك، وإذا كنت أمامك خشيت أن تؤتى من خلفك حتى انتهيا إلى الغار من ثور، قال أبو بكر: قف كما أنت حتى أدخل يدي فأحسه، وأقصه، فإذا كانت فيه دابة أصابتني قبلك. قال نافع٢: فبلغني أنه كان في الغار جحر فألقم أبو بكر رجله ذلك الجحر تخوفًا أن تخرج منه دابة، أو شيء يؤذي رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وفي الوصول للغار نلحظ الأعمال التالية:

- فلقد خرج الرسول صلى الله عليه وسلم وأبو بكر من الخوخة خلف البيت ليبتعدا عن أعين


١ الروض الأنف ج١ ص٢٢٩.
٢ هو نافع بن عمر الجمحي الراوي عن ابن أبي مليكة.

<<  <   >  >>