للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وتقدمت الأنصار إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا: اقسم بيننا وبين إخواننا المهاجرين النخيل وطلبوا منه أن يجعل الأموال قطائع فيما بينهم, ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم رفض هذا وجعل على المهاجرين أن يعملوا في أرض إخوانهم الأنصار وأن يكون لهم جزء من الثمرة.

التكافل في تشريع الزكاة: فرغم أن التوجيه القرآني للمؤمنين لم ينقطع عن مخاطبة المؤمنين في العهد المكي للمسارعة إلى الصدقة بشكل عام، وذلك لتربية النفوس الدافعة، وسد عوز النفوس المحتاجة إلا أن مشروعية الزكاة بأنصبة محددة لم تشرع إلا في العهد المدني، وابتدأ فرض زكاة الفطر أولا، وصار هذا ملحقًا بمشروعية صيام شهر رمضان، فصارت زكاة الفطر تخرج عن الصغير والكبير، والحر والعبد، والذكر والأنثى، ثم جاءت بعد ذلك زكاة الأموال بأنصبتها المفروضة.

التكافل في صلاة الجمعة: إن أول جمعة جمعت كانت بالمدينة المنورة، سواء أقامها المسلمون قبل مقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم أو بأمره أو أقامها بعد قدومه المدينة مباشرة لأن المقصود بالجمعة إظهار شعار الإسلام، واجتماع المؤمنين كلهم، وموعظتهم، وكانت أول خطبة خطبها رسول الله صلى الله عليه وسلم في أول جمعة أقامها في المدينة كانت في بني سالم بن عمرو بن عوف في طريقه من قباء إلى قلب المدينة وبما أن الجمعة هي لاجتماع المؤمنين وموعظتهم فإن هذا يفسر لنا سر تجمع المسلمين في المدينة يوم الجمعة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم بينما كانوا يتفرقون بقية الأسبوع فيصلي بعضهم في مسجد الرسول، والبعض الآخر يصلي في مساجد متفرقة بلغ عددها تسعة مساجد، فإذا ما جاء يوم الجمعة تجمعوا في مسجد واحد حول قائد الأمة ليتأكد من قوة المسلمين، ويشرف على حضورهم وتربيتهم وإعدادهم.

التكافل في صوم شهر رمضان: حيث لم يتم هذا التشريع في العام الأول من الهجرة وإنما في العام الثاني، وفيه حصلت غزوة بدر الكبرى "يوم الفرقان".

إن فرض الصيام شهرًا كاملا كل عام يعد عبادة شرعها الله عز وجل، وحدد الغاية منها في القرآن الكريم بقوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} ١ لأن المقصود من الصيام حبس النفس عن


١ سورة البقرة: ١٨٣.

<<  <   >  >>