الشهوات، وفطامها عن المألوفات، وتعديل قوتها الشهوانية، لتسعد لطلب ما فيه غاية سعادتها ونعيمها, ويذكرها بحال الأكباد الجائعة من المساكين، ومن ثم فإن التقوى هي ثمرة الصيام.
ولا شك أن تأخر هذا الفرض إلى السنة الثانية للهجرة كان له سبب وغاية ترجع إلى استقرار الإسلام، وتوطين النفس لتحمل هذا النوع من العبادة، ومع هذا رغم أنه فرض من أول وهلة، إلا أن الفرد المسلم كان مخيرًا بين الصيام والإطعام، ثم حسم بعد ذلك وجعل الإطعام لمن لا يطيق.
التكافل في مشروعية العيدين: العيد هو اليوم الذي يعتاد الناس فيه الاجتماع لتبادل الأشواق وإعلان الأفراح، وكان العرب يعتادون أيامًا عدة تقوم إما على الوثنية أو العصبية، فشرع الله للمسلمين عيدين يرتبطان بعبادة، فعيد الفطر الذي شرع بعد الانتهاء من غزوة بدر يبدأ بنهاية عبادة صيام شهر رمضان، وزكاة الفطر ويستهل يومه بصلاة العيد.
وعيد الأضحى يبدأ بنهاية عبادة الحج، ويستهل يومه أيضًا بالصلاة والأضحية التي تحمل في طياتها صورة من صور التكافل الاجتماعي وقد شرع في العام الثاني للهجرة وفيه ضحى رسول الله صلى الله عليه وسلم وضحى الموسرون من المسلمين معه وهذا الموقف له دلالة عملية، ودلالة مرحلية واقعية، حيث تلاحظ التدرج الواقعي في المجتمع المسلم دون اعتساف أو تعجل، بل كل شيء في أوانه، وحينما تهيأ له الظروف والأجواء، وهنا نلاحظ أن المسلمين لم تعمهم الفرحة إلا بعد أن استقر أمرهم، وقامت دولتهم أما قبل ذلك فلا عيد ولا فرحة.