وحين ننظر إلى العالم الإسلامي اليوم من زاوية التطابق بين الإسلام وعمل الناس ندرك أسباب تخلف الأمة وأسباب انصراف الناس عن الإسلام، ونعرف سبب العجز عن توجيه الدعوة إلى الآخرين بصورة حسنة مقبولة.
إن التنافر الحاصل بين تعاليم الإسلام وبين سلوك الناس يسيء إلى الناس أولا لأنهم يتحركون بلا هوية، ويعيشون بلا فكر، ولا أصول, ولذلك تراهم يشكلون حياتهم من عادات الآخرين وسلوكهم، بعيدًا عن دينهم، مكتفين بالمظهر الفارغ فلا هم جزء من الآخرين، ولا هم جزء مفيد في جماعة المسلمين. ويسيء ثانيًا إلى الدعوة لأن الآخرين سيقولون: لو كان الإسلام خيرًا لفعله أصحابه، ولو كان صوابًا لتمسك به بنوه, بل رأيناهم يتهمون الإسلام ويقولون: إن تخلف المسلمين نتيجة مباشرة لتعاليم دينهم, وهي تهمة باطلة لغياب تطبيق الإسلام عن حياة المسلمين.
إن التناقض بين الإسلام وعمل المسلمين يؤدي بالمسلمين إلى التخلف لأنهم بإعلان أنهم مسلمون ولا إسلام فيهم خاصموا غير المسلمين باتخاذهم نهجًا وطريقًا خاصًا بهم، وبتركهم الإسلام صاروا زبدًا أجوف لا يسمن ولا يغني من جوع وبخاصة في عالم تعددت فيه الثقافات والحضارات.
إن العالم اللمعاصر يتميز بتعدد التكتلات، وتنوع التوجيهات وكل منها يتفاعل مع غيره، فلديه ما يعطيه، وعنده قابلية الاستفادة من غيره في إطار ثقافته وتوجهه.
وهذا التفاعل ضرورة لمسيرة الحياة, ولا بد لها من فكر نبيل تسنده قوة عادلة ولا بد له من واقع يعطي ويأخذ، ويفيد ويستفيد.
والمرء يتساءل بكل تجرد ماذا عند المسلمين اليوم ليجذب الآخرين إليهم؟
لقد فرط المسلمون في كنوزهم، وأهملوا روح السبق والتنافس، وظهروا بأفكار ليست هي واقعهم وحياتهم, وبذلك أساءوا إلى نبل الأفكار, ووضعهم الناس