للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هما نزلا بالبر ثم تروحا ... فأفلح من أمسى رفيق محمد

ليهن بني كعب مكان فتاتهم ... ومقعدها للمؤمنين بمرصد

قالت أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها: فلما سمعنا قوله عرفنا حيث توجه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن وجهته إلى المدينة، فرحلنا إليها حين جاءنا أمر من رسول الله صلى الله عليه وسلم١.

٢- حسن التصرف:

كان أبو بكر يملك خمسة آلاف درهم، حملها إليه ابنه عبد الله في الغار، وجاء أبوه قحافة إلى بناته مغضبًا وهو يقول: والله إني لآراه قد فجعكم بماله مع نفسه، فقالت أسماء بنت أبي بكر: كلا يا أبت إنه قد ترك لنا خيرًا كثيرًا، وأخذت أحجارًا فوضعتها في كوة في البيت، كان أبي يضع ماله فيها، ثم وضعت عليها ثوبًا، ثم أخذت بيده فقلت: يا أبت ضع يدك على هذه المال، قالت: فوضع يده عليه ثم قال: لا بأس إن كان ترك لكم هذا فقد أحسن، وفي هذا بلاغ لكم.

تقول أسماء: ولا والله ما ترك لنا شيئًا ولكني أردت أن أسكن الشيخ بذلك٢.

٣- تحمل الأذى:

كان من أول المهاجرين أبو سلمة، خرج وزوجته وابنه، فلما أجمع على الخروج قال له أصهاره: هذه نفسك غلبتنا عليها، أرأيت صاحبتنا هذه؟ علام نتركك تسير بها في البلاد؟ فأخذوا منه زوجته، وغضب آل أبي سلمة لرجلهم، فقالوا، لا نترك ابننا معها، إذا نزعتموها من صاحبنا، وتجاذبوا الغلام بينهم فخلعوا يده، وذهبوا به.

وانطلق أبو سلمة وحده إلى المدينة، وكانت أم سلمة بعد ذهاب زوجها، وضياع ابنها، تخرج كل غداة بالأبطح تبكي حتى تمسي، ومضى على ذلك نحو سنة، فرق لها أحد ذويها، وقال: ألا تخرجون هذه المسكينة؟ فرقتم بينها وبين زوجها، وولدها.


١ سيرة ابن هشام ج١ ص٤٨٧، ٤٨٩.
٢ سيرة النبي لابن هشام ج١ ص٤٨٨ وكان قحافة والد أبي بكر أعمى لا يبصر، ولم يكن أسلم يومذاك.

<<  <   >  >>