للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقالوا لها: الحقي بزوجك إن شئت، فاسترجعت ابنها من عصبته، وخرجت تريد المدينة، وليس معها أحد من خلق الله، حتى إذا كانت بالتنعيم لقيها عثمان بن طلحة، وبعد أن عرف حالها شيعها حتى أقدمها إلى المدينة، فلما نظر إلى قباء قال: زوجك في هذه القرية فادخليها على بركة الله، ثم انصرف راجعًا إلى مكة١.

٤- التضحية بالمال:

لما أراد صهيب الهجرة قال له كفار قريش: أتيتنا صعلوكًا حقيرًا، فكثر مالك عندنا، وبلغت الذي بلغت، ثم تريد أن تخرج بمالك ونفسك؟ لا والله لا يكون ذلك.

فقال لهم صهيب: أرأيتم إن جعلت لكم مالي أتخلون سبيلي؟

قالوا: نعم.

قال: فإني قد جعلت لكم مالي.

فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "ربح صهيب, ربح صهيب" ٢.

٥- كيد قريش بالمهاجرين:

تواعد عمر بن الخطاب، وعياش بن أبي ربيعة، وهشام بن العاصي بن وائل موضعًا يصبحون عنده، ثم يهاجرون إلى المدينة، فاجتمع عمر وعياش وحبس عنهما هشام.

ولما قدما المدينة، ونزلا بقباء، قدم أبو جهل، وأخوه الحارث إلى عياش -وأم الثلاثة واحدة- فقالا له: إن أمك قد نذرت أن لا يمس رأسها مشط، ولا تستظل بشمس حتى تراك فرق لها.

فقال له عمر: يا عياش إن القوم يريدون فتنتك عن دينك فاحذرهم، فوالله لو أذى أمك القمل لامتشطت، ولو قد اشتد عليها حر مكة لاستظلت، فأبى عياش إلا الخروج معهما ليبر قسم أمه.

فقال له عمر: أما قد فعلت فخذ ناقتي هذه فإنها ناقة نجيبة ذلول، فالزم


١ سيرة ابن هشام ج١ ص٤٦٨-٤٧٠.
٢ المصدر السابق ج١ ص٤٧٧.

<<  <   >  >>