للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأَنَّهُ هَلَكَ مِنْ فَوْقِهِ ثَلاثَةٌ، وَلِلثَّانِي ثُلُثُ الدِّيَةِ، وَلِلثَّالِثِ

نِصْفُ الدِّيَةِ، وَلِلرَّابِعِ الدِّيَةُ كَامِلَةً فَأَبَوْا أَنْ يَرْضَوْا فَأَتَوْا النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ عِنْدَ مَقَامِ إبْرَاهِيمَ - فَقَصُّوا عَلَيْهِ الْقِصَّةَ، فَأَجَازَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. رَوَاهُ أَحْمَدُ.

٣٩٩٥- وَرَوَاهُ بِلَفْظٍ آخَرَ نَحْوِ هَذَا وَفِيهِ: وَجَعَلَ الدِّيَةَ عَلَى قَبَائِلِ الَّذِينَ ازْدَحَمُوا.

وَعَنْ عَلِيِّ بْنِ رَبَاحٍ اللَّخْمِيِّ أَنَّ أَعْمَى كَانَ يُنْشِدُ فِي الْمَوْسِمِ فِي خِلافَةِ عُمَرَ ابْنِ الْخَطَّابِ وَهُوَ يَقُولُ:

يَا أَيُّهَا النَّاسُ لَقِيتُ مُنْكَرَا ... هَلْ يَعْقِلُ الأَعْمَى الصَّحِيحَ الْمُبْصِرَا

خَرَّا مَعًا كِلاهُمَا تَكَسَّرَا

وَذَلِكَ أَنَّ أَعْمَى كَانَ يَقُودُهُ بَصِيرٌ فَوَقَعَا فِي بِئْرٍ فَوَقَعَ الأَعْمَى عَلَى الْبَصِيرِ، فَمَاتَ الْبَصِيرُ، فَقَضَى عُمَرُ بِعَقْلِ الْبَصِيرِ عَلَى الأَعْمَى. رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ.

وَفِي الْحَدِيثِ أَنَّ رَجُلاً أَتَى أَهْلَ أَبْيَاتٍ فَاسْتَسْقَاهُمْ فَلَمْ يَسْقُوهُ حَتَّى مَاتَ فَأَغْرَمَهُمْ عُمَرُ - رضي الله عنه - الدِّيَةَ. حَكَاهُ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ ابْن مَنْصُورٍ وَقَالَ: أَقُولُ بِهِ.

قَالَ الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: وَقَدْ اُسْتُدِلَّ بِهَذَا الْقَضَاءِ الَّذِي قَضَى بِهِ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ وَقَرَّرَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى أَنَّ دِيَةَ الْمُتَجَاذِبِينَ فِي الْبِئْرِ تَكُونُ عَلَى الصِّفَة الْمَذْكُورَة إلى أن قَالَ: وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَنْ كَانَ جَانِيًا عَلَى غَيْرِهِ خَطَأً فَمَا لَزِمَ بِالْجِنَايَةِ عَلَى عَاقِلَتِهِ، وَمَنْ كَانَ جَانِيًا عَمْدًا فَمِنْ مَالِهِ. انتهى.

قَالَ فِي الْمُغْنِي: إِذَا سَقَطَ رَجُلٌّ فِي بِئْرٍ فَسَقَطَ عَلَيْهِ آخَر فَقَتَلَهُ فَعَلَيْهِ ضَمَانَهُ لأَنَّهُ قَتَلَهُ فَضَمِنَهُ كَمَا لَوْ رَمَى عَلَيْهِ حَجَرًا، ثُمَّ يُنْظَرُ فَإِنْ كَانَ عَمْدًا رَمَى نَفْسَهُ عَلَيْهِ وَهُوَ مِمَّا يَقْتُلُ غَالِبًا فَعَلَيْهِ الْقِصَاصِ، وَإِنْ كَانَ مِمَّا لا يَقْتُلُ غَالِبًا فَهُوَ شِبْهُ عَمْدٍ، وَإِنْ وَقَعَ خَطَأ فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ مُخَفَّفَةٌ، وَإِنْ مَاتَ الثَّانِي بِوُقُوعِهِ عَلَى

الأَوْلُ فَدَمُهُ هَدَرٌ لأَنَّهُ مَاتَ بِفِعْلِهِ. وَقَدْ رَوَى عَلِيٌّ بن رَبَّاحٍ اللَّخَمِيّ أَنَّ رَجُلاً كَانَ يَقُودُ أَعْمَى فَوَقَعَ فِي بِئْرٍ خَرَّ الْبَصِيرِ وَوَقَعَ الأَعْمَى فَوْقَ الْبَصِيرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>