. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[التلويح]
مِنْ ذَلِكَ الْجِنْسِ غَيْرِ مَعْلُومِ التَّعَيُّنِ عِنْدَ السَّامِعِ، وَجَعَلَهُ مُقَابِلًا لِلْمُطْلَقِ بِاعْتِبَارِ اشْتِمَالِهِ عَلَى قَيْدِ الْوَحْدَةِ، وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ لَا نُسَلِّمُ عَدَمَ تَعَرُّضِ الْمُطْلَقِ بِقَيْدِ الْوَحْدَةِ لِلْقَطْعِ بِأَنَّ مَعْنَى {أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً} [البقرة: ٦٧] ذَبْحُ بَقَرَةٍ وَاحِدَةٍ، وَمَعْنَى {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} [النساء: ٩٢] إعْتَاقُ رَقَبَةٍ وَاحِدَةٍ فَكَانَ الْمُرَادُ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِلَازِمٍ بَلْ يَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِهِ نَفْسُ الْحَقِيقَةِ أَوْ فَرْدٌ مِنْهَا أَوْ مَا صَدَقَتْ هِيَ عَلَيْهِ وَاحِدًا كَانَ أَوْ أَكْثَرَ، وَلِهَذَا فَسَّرَهُ الْمُحَقِّقُونَ بِالشَّائِعِ فِي جِنْسِهِ بِمَعْنَى أَنَّهُ لِحِصَّةٍ مُحْتَمَلَةٍ الْحِصَصُ كَثِيرَةٌ مِمَّا يَنْدَرِجُ تَحْتَ أَمْرٍ مُشْتَرَكٍ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينٍ.
وَأَمَّا النِّزَاعُ فِي عُمُومِ النَّكِرَةِ فِي الْإِنْشَاءَاتِ وَالْخَبَرِ فَالْحَقُّ أَنَّهُ لَفْظِيٌّ لِأَنَّ الْقَائِلِينَ بِالْعُمُومِ لَا يُرِيدُونَ شُمُولَ الْحُكْمِ لِكُلِّ فَرْدٍ حَتَّى يَجِبَ فِي مِثْلِ أَعْطِ الدِّرْهَمَ فَقِيرًا صَرْفُهُ إلَى كُلِّ فَقِيرٍ، وَفِي مِثْلِ {أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً} [البقرة: ٦٧] ذَبْحُ كُلِّ بَقَرَةٍ وَفِي مِثْلِ {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} [النساء: ٩٢] تَحْرِيرُ كُلِّ رَقَبَةٍ بَلْ الْمُرَادُ الصَّرْفُ إلَى فَقِيرٍ أَيِّ فَقِيرٍ كَانَ، وَكَذَا الْمُرَادُ ذَبْحُ بَقَرَةٍ أَيِّ بَقَرَةٍ كَانَتْ، وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ أَيِّ رَقَبَةٍ كَانَتْ فَإِنْ سُمِّيَ مِثْلُ هَذَا عَامًّا فَعَامٌّ، وَإِلَّا فَلَا عَلَى أَنَّهُمْ جَعَلُوا مِثْلَ مَنْ دَخَلَ هَذَا الْحِصْنَ أَوَّلًا فَلَهُ كَذَا عَامًّا مَعَ أَنَّهُ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ فَإِنْ جُعِلَ مُسْتَغْرِقًا فَكُلُّ نَكِرَةٍ كَذَلِكَ، وَإِلَّا فَلَا جِهَةَ لِلْعُمُومِ.
(قَوْلُهُ فَإِذَا أُعِيدَتْ نَكِرَةً) لَمَّا أَبْحَرَ الْكَلَامُ إلَى ذِكْرِ النَّكِرَةِ، وَإِفَادَتِهَا الْعُمُومَ، وَالْخُصُوصَ أَرْدَفَهُ بِمَا اُشْتُهِرَ مِنْ أَنَّ النَّكِرَةَ إذَا أُعِيدَتْ نَكِرَةً فَالثَّانِي غَيْرُ الْأَوَّلِ، وَالْمَعْرِفَةُ بِالْعَكْسِ، وَالْكَلَامُ فِيمَا إذَا أُعِيدَ اللَّفْظُ الْأَوَّلُ مَعَ كَيْفِيَّتِهِ مِنْ التَّنْكِيرِ، وَالتَّعْرِيفِ أَوْ بِدُونِهَا، وَحِينَئِذٍ يَكُونُ طَرِيقُ التَّعْرِيفِ هُوَ اللَّامَ أَوْ الْإِضَافَةَ لِتَصِحَّ إعَادَةُ الْمَعْرِفَةِ نَكِرَةً، وَبِالْعَكْسِ، وَتَفْصِيلُ ذَلِكَ أَنَّ الْمَذْكُورَ أَوَّلًا إمَّا أَنْ يَكُونَ نَكِرَةً أَوْ مَعْرِفَةً، وَعَلَى التَّقْدِيرَيْنِ إمَّا أَنْ يُعَادَ نَكِرَةً أَوْ مَعْرِفَةً فَيَصِيرُ أَرْبَعَةَ أَقْسَامٍ، وَحُكْمُهَا أَنْ يَنْظُرَ إلَى الثَّانِي فَإِنْ كَانَ نَكِرَةً فَهُوَ مُغَايِرٌ لِلْأَوَّلِ، وَإِلَّا لَكَانَ الْمُنَاسِبُ هُوَ التَّعْرِيفُ بِنَاءً عَلَى كَوْنِهِ مَعْهُودًا سَابِقًا فِي الذِّكْرِ، وَإِنْ كَانَ مَعْرِفَةً فَهُوَ الْأَوَّلُ حَمْلًا لَهُ عَلَى الْمَعْهُودِ الَّذِي هُوَ الْأَصْلُ فِي اللَّامِ أَوْ بِالْإِضَافَةِ، وَذَكَرَ فِي الْكَشْفِ أَنَّهُ إنْ أُعِيدَتْ النَّكِرَةُ نَكِرَةً فَالثَّانِي مُغَايِرٌ لِلْأَوَّلِ وَإِلَّا فَعَيْنُهُ لِأَنَّ الْمَعْرِفَةَ تَسْتَغْرِقُ الْجِنْسَ، وَالنَّكِرَةُ تَتَنَاوَلُ الْبَعْضَ فَيَكُونُ دَاخِلًا فِي الْكُلِّ سَوَاءٌ قُدِّمَ أَوْ أُخِّرَ، وَمَثَّلَ لِإِعَادَةِ الْمَعْرِفَةِ نَكِرَةً بِقَوْلِ الْحَمَاسِيِّ
صَفَحْنَا عَنْ بَنِي ذُهْلٍ ... وَقُلْنَا الْقَوْمُ إخْوَانُ
عَسَى الْأَيَّامُ أَنْ يُرْجِعْنَ ... قَوْمًا كَاَلَّذِي كَانُوا
مَعَ الْقَطْعِ بِأَنَّ الثَّانِيَ عَيْنُ الْأَوَّلِ، وَفِيهِ نَظَرٌ أَمَّا أَوَّلًا فَلِأَنَّ التَّعْرِيفَ لَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ لِلِاسْتِغْرَاقِ بَلْ الْعَهْدُ هُوَ الْأَصْلُ، وَعِنْدَ تَقَدُّمِ الْمَعْهُودِ لَا يَلْزَمُ أَنْ تَكُونَ النَّكِرَةُ عَيْنَهُ.
وَأَمَّا ثَانِيًا فَلِأَنَّ مَعْنَى كَوْنِ الثَّانِي عَيْنَ الْأَوَّلِ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهِ هُوَ الْمُرَادَ الْأَوَّلَ، وَالْجُزْءُ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْكُلِّ لَيْسَ كَذَلِكَ.
وَأَمَّا ثَالِثًا فَلِأَنَّ إعَادَةَ الْمَعْرِفَةِ نَكِرَةً مَعَ مُغَايَرَةِ الثَّانِي لِلْأَوَّلِ كَثِيرٌ فِي الْكَلَامِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {ثُمَّ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ} [الأنعام: ١٥٤] إلَى قَوْلِهِ {وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ} [الأنعام: ٩٢] ، وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى {اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ} [البقرة: ٣٦] ، وَقَالَ تَعَالَى {وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ} [الأنعام: ١٦٥] إلَى غَيْرِ ذَلِكَ، وَاعْلَمْ أَنَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute