دَخَلَا فِي السَّبَبِ) ، وَالْمَذْهَبُ عِنْدَكُمْ أَنَّ الْمُطْلَقَ لَا يُحْمَلُ عَلَى الْمُقَيَّدِ، وَإِنْ اتَّحَدَتْ الْحَادِثَةُ إذَا دَخَلَا عَلَى السَّبَبِ كَمَا فِي صَدَقَةِ الْفِطْرِ.
(وَقَيَّدْتُمْ قَوْله تَعَالَى {وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ} [البقرة: ٢٨٢] بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق: ٢] مَعَ أَنَّهُمَا فِي حَادِثَتَيْنِ) قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق: ٢] فَأَجَابَ عَنْ الْإِشْكَالَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ بِقَوْلِهِ (لِأَنَّ قَيْدَ الْإِسَامَةِ إنَّمَا يَثْبُتُ بِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «لَيْسَ فِي الْعَوَامِلِ، وَالْحَوَامِلِ، وَالْعَلُوفَةِ صَدَقَةٌ» ، وَالْعَدَالَةِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ} [الحجرات: ٦] .
(فَصْلٌ حُكْمُ
ــ
[التلويح]
جَازَ، وَإِلَّا فَلَا، وَقِيلَ يَجُوزُ فِيهِ، وَإِنْ لَمْ يَجُزْ فِي الْمُفْرَدِ، وَذَهَبَ الْمُصَنِّفُ إلَى أَنَّهُ لَا يُسْتَعْمَلُ فِي أَكْثَرَ مِنْ مَعْنًى وَاحِدٍ لَا حَقِيقَةً، وَلَا مَجَازًا أَمَّا حَقِيقَةٌ فَلِأَنَّهُ يَتَوَقَّفُ عَلَى كَوْنِ اللَّفْظِ مَوْضُوعًا لِمَجْمُوعِ الْمَعْنَيَيْنِ لِيَكُونَ اسْتِعْمَالُهُ فِيهِ اسْتِعْمَالًا فِي نَفْسِ الْمَوْضُوعِ لَهُ فَيَكُونَ حَقِيقَةً، وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مَوْضُوعًا لِمَجْمُوعِ الْمَعْنَيَيْنِ لَمَا صَحَّ اسْتِعْمَالُهُ فِي أَحَدِ الْمَعْنَيَيْنِ عَلَى الِانْفِرَادِ حَقِيقَةً ضَرُورَةَ أَنَّهُ لَا يَكُونُ نَفْسُ الْمَوْضُوعِ لَهُ بَلْ لَهُ جُزْءٌ، وَاللَّازِمُ بَاطِلٌ بِالِاتِّفَاقِ فَإِنَّ مَنْعَ الْمُلَازَمَةِ مُسْتَنِدًا بِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَوْضُوعًا لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمَعْنَيَيْنِ كَمَا أَنَّهُ مَوْضُوعٌ لِلْمَجْمُوعِ فَجَوَابُهُ أَنَّ اسْتِعْمَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ حِينَئِذٍ يَكُونُ اسْتِعْمَالًا فِي أَحَدِ الْمَعَانِي، وَلَا نِزَاعَ فِي صِحَّتِهِ فَإِنْ قِيلَ لَا نَعْنِي بِاسْتِعْمَالِهِ فِي مَجْمُوعِ الْمَعْنَيَيْنِ حَقِيقَةَ أَنَّهُ يُرَادُ بِهِ الْمَجْمُوعُ مِنْ حَيْثُ هُوَ الْمَجْمُوعُ حَتَّى يَلْزَمَ كَوْنُهُ مَوْضُوعًا لِلْمَجْمُوعِ بَلْ مَعْنَاهُ أَنَّهُ يُرَادُ بِهِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْمَعْنَيَيْنِ عَلَى أَنَّهُ نَفْسُ الْمُرَادِ لَا جُزْءٌ مِنْ مَعْنًى ثَالِثٍ هُوَ الْمُرَادُ، وَحِينَئِذٍ لَا يَلْزَمُ إلَّا كَوْنُهُ مَوْضُوعًا لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمَعْنَيَيْنِ، وَالْأَمْرُ كَذَلِكَ فَجَوَابُهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ مَوْضُوعًا لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمَعْنَيَيْنِ فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ مَوْضُوعًا لَهُ بِدُونِ الْآخَرِ أَيْ بِشَرْطِ انْفِرَادِهِ عَنْ الْآخَرِ أَوْ مُطْلَقًا أَيْ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ انْفِرَادِهِ عَنْ الْآخَرِ أَوْ اجْتِمَاعِهِ مَعَهُ إذْ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَوْضُوعًا لِكُلِّ وَاحِدٍ بِشَرْطِ الْآخَرِ لِمَا مَرَّ فِي بَيَانِ انْتِفَاءِ وَضْعِهِ لِلْمَجْمُوعِ، وَعَلَى التَّقْدِيرَيْنِ يَثْبُتُ الْمُدَّعِي إمَّا عَلَى الْأَوَّلِ فَظَاهِرٌ، وَإِمَّا عَلَى الثَّانِي فَلِأَنَّ وَضْعَ اللَّفْظِ عِبَارَةٌ عَنْ تَخْصِيصِهِ بِالْمَعْنَى أَيْ جَعْلُهُ بِحَيْثُ يَقْتَصِرُ عَلَى ذَلِكَ الْمَعْنَى لَا يَتَجَاوَزُهُ، وَلَا يُرَادُ بِهِ غَيْرُهُ عِنْدَ الِاسْتِعْمَالِ فَدَائِمًا لَا يُمْكِنُ إلَّا اعْتِبَارُ وَضْعٍ وَاحِدٍ لِأَنَّ اعْتِبَارَ كُلٍّ مِنْ الْوَضْعَيْنِ يُنَافِي اعْتِبَارَ الْآخَرِ ضَرُورَةَ أَنَّ اعْتِبَارَ وَضْعِهِ لِهَذَا الْمَعْنَى يُوجِبُ إرَادَةَ هَذَا الْمَعْنَى خَاصَّةً، وَاعْتِبَارَ وَضْعِهِ لِلْمَعْنَى الْآخَرِ يُوجِبُ إرَادَتَهُ خَاصَّةً فَلَوْ اُعْتُبِرَ الْوَضْعَانِ فِي إطْلَاقٍ وَاحِدٍ لَزِمَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الْمَعْنَيَيْنِ صِفَةُ الِانْفِرَادِ عَنْ الْآخَرِ، وَالِاجْتِمَاعُ مَعَهُ بِحَسَبِ الْإِرَادَةِ بَلْ يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ كُلٌّ مِنْهُمَا مُرَادًا وَغَيْرُ مُرَادٍ فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ، وَهُوَ بَاطِلٌ بِالضَّرُورَةِ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَمَنْ عَرَفَ سَبَبَ وُقُوعِ الِاشْتِرَاكِ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute