للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَهُ ثَابِتًا بِالنَّظْمِ، وَالْمَعْنَى الثَّانِي، وَهُوَ زَوَالُ مِلْكِهِمْ عَمَّا خَلَّفُوا فِي دَارِ الْحَرْبِ جُزْءَ الْمَوْضُوعِ لَهُ؛ لِأَنَّ الْفُقَرَاءَ هُمْ الَّذِينَ لَا يَمْلِكُونَ شَيْئًا فَكَوْنُهُمْ بِحَيْثُ لَا يَمْلِكُونَ شَيْئًا مِمَّا خَلَّفُوا فِي دَارِ الْحَرْبِ جُزْءٌ لِكَوْنِهِمْ بِحَيْثُ لَا يَمْلِكُونَ شَيْئًا فَيَكُونُ جُزْءَ الْمَوْضُوعِ لَهُ، فَلَمَّا سَمِعُوا دَلَالَتَهُ عَلَى زَوَالِ مِلْكِهِمْ عَمَّا خَلَّفُوا إشَارَةً وَالْإِشَارَةُ ثَابِتَةٌ بِالنَّظْمِ فَيَكُونُ جُزْءُ الْمَوْضُوعِ لَهُ ثَابِتًا بِالنَّظْمِ، وَأَمَّا أَنَّ اللَّازِمَ الْمُتَأَخِّرَ ثَابِتٌ بِالنَّظْمِ عِنْدَهُمْ فَلِأَنَّهُمْ قَالُوا: إنَّ قَوْله تَعَالَى {وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ} [البقرة: ٢٣٣] سِيقَ لِإِيجَابِ نَفَقَةِ الزَّوْجَاتِ عَلَى الزَّوْجِ الَّذِي وَلَدْنَ لِأَجْلِهِ، وَهُوَ الْمَعْنَى الْمَوْضُوعُ لَهُ فِيهِ إشَارَةً إلَى أَنَّ الْأَبَ مُنْفَرِدٌ فِي الْإِنْفَاقِ عَلَى الْوَلَدِ إذْ لَا يُشَارِكُهُ أَحَدٌ فِي هَذِهِ النِّسْبَةِ فَكَذَا فِي حُكْمِهَا وَهُوَ الْإِنْفَاقُ عَلَى الْوَلَدِ، وَهَذَا الْمَعْنَى لَازِمٌ خَارِجِيٌّ لِلْمَوْضُوعِ لَهُ مُتَأَخِّرٌ عَنْهُ، وَلَمَّا جَعَلُوهُ إشَارَةً إلَى هَذَا الْمَعْنَى جَعَلُوا اللَّازِمَ الْخَارِجِيَّ الْمُتَأَخِّرَ ثَابِتًا بِالنَّظْمِ، فَالْمِثَالُ الْأَوَّلُ عِبَارَةٌ فِي الْمَوْضُوعِ لَهُ إشَارَةٌ إلَى جُزْئِهِ، وَالْمِثَالُ الثَّانِي عِبَارَةٌ فِي الْمَوْضُوعِ لَهُ إشَارَةٌ إلَى لَازِمِهِ، وَهُوَ الِانْفِرَادُ بِنَفَقَةِ الْأَوْلَادِ، وَأَيْضًا إلَى جُزْئِهِ، وَهُوَ أَنَّ النَّسَبَ إلَى الْآبَاءِ إلَى آخِرِ مَا ذَكَرْنَا فِي الْمَتْنِ.

وَإِذَا قَالَتْ الْمَرْأَةُ

ــ

[التلويح]

مَا يَكُونُ مَبْنِيًّا عَلَى عِلَّةٍ فِي مَعْنَى النَّظْمِ لَا يَفْهَمُ كَثِيرٌ مِنْ الْمَاهِرِينَ فِي اللُّغَةِ أَنَّ الْحُكْمَ فِي الْمَنْطُوقِ لِأَجْلِهَا كَوُجُوبِ الْكَفَّارَةِ بِالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ فِي الصَّوْمِ، وَالْحَدِّ فِي اللِّوَاطَةِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا لَا يُحْصَى فَاشْتِرَاطُ فَهْمِ كُلِّ وَاحِدٍ مِمَّنْ يَعْرِفُ اللُّغَةَ أَنَّ الْحُكْمَ لِأَجْلِهَا مِمَّا لَا صِحَّةَ لَهُ أَصْلًا.

الرَّابِعُ أَنَّ الْجَزْمَ بِأَنَّ الدَّلَالَةَ اللَّفْظِيَّةَ إنَّمَا اُعْتُبِرَتْ بِالنِّسْبَةِ إلَى كُلِّ مَنْ هُوَ عَالِمٌ بِالْوَضْعِ حَتَّى لَوْ لَمْ يَفْهَمْ الْبَعْضُ لَمْ تَتَحَقَّقْ الدَّلَالَةُ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّ الثَّابِتَ بِإِشَارَةِ النَّصِّ قَدْ يَكُونُ غَامِضًا بِحَيْثُ لَا يَفْهَمُهُ كَثِيرٌ مِنْ الْأَذْكِيَاءِ الْعَالِمِينَ بِالْوَضْعِ كَانْفِرَادِ الْأَبِ بِالْإِنْفَاقِ، وَاسْتِغْنَاءِ أَجْرِ الرَّضَاعِ عَنْ التَّقْدِيرِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَلِهَذَا خَفِيَ أَقَلُّ مُدَّةِ الْحَمْلِ عَلَى كَثِيرٍ مِنْ الصَّحَابَةِ مَعَ سَمَاعِهِمْ النَّصَّ، وَعِلْمِهِمْ بِالْوَضْعِ، وَتَحْقِيقُ ذَلِكَ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي دَلَالَةِ الِالْتِزَامِ عِنْدَ عُلَمَاءِ الْأُصُولِ، وَالْبَيَانِ مُطْلَقُ اللُّزُومِ عَقْلِيًّا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ بَيِّنًا كَانَ أَوْ غَيْرَ بَيِّنٍ، وَلِهَذَا يَجْرِي فِيهَا الْوُضُوحُ، وَالْخَفَاءُ، وَمَعْنَى الدَّلَالَةِ عِنْدَهُمْ فَهْمُ الْمَعْنَى مِنْ اللَّفْظِ إذَا أُطْلِقَ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْعَالِمِ بِالْوَضْعِ، وَعِنْدَ الْمَنْطِقِيِّينَ مَتَى أُطْلِقَ، فَلِهَذَا اشْتَرَطُوا اللُّزُومَ الْبَيِّنَ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْكُلِّ.

(قَوْلُهُ، وَإِنَّمَا جَعَلُوا كَذَلِكَ) أَيْ إنَّمَا جَعَلُوا اللَّازِمَ الْمُتَأَخِّرَ ثَابِتًا بِنَفْسِ النَّظْمِ عِبَارَةً أَوْ إشَارَةً، وَاللَّازِمَ الْمُتَقَدِّمَ غَيْرَ ثَابِتٍ بِنَفْسِ النَّظْمِ بَلْ بِطَرِيقِ الِاقْتِضَاءِ؛ لِأَنَّ نِسْبَةَ الْمَلْزُومِ إلَى اللَّازِمِ الْمُتَأَخِّرِ نِسْبَةُ الْعِلَّةِ إلَى الْمَعْلُولِ، وَنِسْبَتُهُ إلَى اللَّازِمِ الْمُتَقَدِّمِ نِسْبَةُ الْمَعْلُولِ إلَى الْعِلَّةِ نَظَرًا إلَى أَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يَثْبُتَ أَوَّلًا فَيَصِحَّ الْكَلَامُ فَيَثْبُتَ الْمَلْزُومُ، وَدَلَالَةُ الْعِلَّةِ عَلَى الْمَعْلُولِ مُطَّرِدَةٌ بِمَعْنَى أَنَّ كُلَّ عِلَّةٍ تَدُلُّ عَلَى مَعْلُولِهَا كَالشَّمْسِ تَدُلُّ عَلَى الضَّوْءِ

<<  <  ج: ص:  >  >>