لِزَوْجِهَا نَكَحْت عَلَيَّ امْرَأَةً فَطَلِّقْهَا فَقَالَ: إرْضَاءً لَهَا كُلُّ امْرَأَةٍ لِي فَطَالِقٌ طَلُقَتْ كُلُّهُنَّ قَضَاءً فَالْمَعْنَى الْمَوْضُوعُ لَهُ طَلَاقُ جَمِيعِ نِسَائِهِ، وَقَدْ سِيقَ الْكَلَامُ لِجُزْءِ الْمَوْضُوعِ لَهُ، وَهُوَ طَلَاقُ بَعْضِهِنَّ أَيْ غَيْرِ هَذِهِ الْمَرْأَةِ فَيَكُونُ عِبَارَةً فِي جُزْءِ الْمَوْضُوعِ لَهُ وَإِشَارَةً إلَى الْمَوْضُوعِ لَهُ وَهُوَ طَلَاقُ الْكُلِّ وَأَيْضًا إلَى الْجُزْءِ الْآخَرِ وَهُوَ طَلَاقُ هَذِهِ الْمَرْأَةِ وَأَيْضًا إلَى لَازِمِ الْمَوْضُوعِ لَهُ، وَهُوَ لَوَازِمُ الطَّلَاقِ كَوُجُوبِ الْمَهْرِ، وَالْعِدَّةِ، وَنَحْوِهِمَا وقَوْله تَعَالَى {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} [البقرة: ٢٧٥] سِيقَ اللَّازِمُ الْمُتَأَخِّرُ، وَهُوَ التَّفْرِقَةُ بَيْنَهُمَا فَيَكُونُ عِبَارَةً فِيهِ، وَإِشَارَةً إلَى الْمَوْضُوعِ لَهُ، وَإِلَى أَجْزَائِهِ، وَإِلَى اللَّوَازِمِ الْأُخَرِ، وَإِنَّمَا قَيَّدْنَا اللَّازِمَ بِالْمُتَأَخِّرِ؛ لِأَنَّهُمْ سَمَّوْا دَلَالَةَ اللَّفْظِ عَلَى اللَّازِمِ الْمُتَقَدِّمِ اقْتِضَاءً، وَإِنَّمَا جَعَلُوا كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ دَلَالَةَ الْمَلْزُومِ عَلَى اللَّازِمِ الْمُتَأَخِّرِ كَالْعِلَّةِ عَلَى الْمَعْلُولِ أَقْوَى مِنْ دَلَالَتِهِ عَلَى اللَّازِمِ غَيْرِ الْمُتَأَخِّرِ كَالْمَعْلُولِ عَلَى الْعِلَّةِ فَإِنَّ الْأُولَى مُطَّرِدَةٌ دُونَ الثَّانِيَةِ إذْ لَا دَلَالَةَ لِلْمَعْلُولِ عَلَى الْعِلَّةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَعْلُولًا مُسَاوِيًا؛ وَلِأَنَّ النَّصَّ الْمُثْبِتَ لِلْعِلَّةِ مُثْبِتٌ لِلْمَعْلُولِ تَبَعًا لَهَا أَمَّا الْمُثْبِتُ لِلْمَعْلُولِ فَغَيْرُ مُثْبِتٍ لِعِلَّتِهِ الَّتِي
ــ
[التلويح]
وَالنَّارِ عَلَى الدُّخَانِ بِخِلَافِ الْعَكْسِ إذْ الْمَعْلُولُ إنَّمَا يَدُلُّ عَلَى عِلَّتِهِ بِشَرْطِ مُسَاوَاتِهِ لَهَا كَالدُّخَانِ عَلَى النَّارِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ أَعَمَّ كَالضَّوْءِ فَإِنَّهُ لَا يَدُلُّ عَلَى الشَّمْسِ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ حُصُولُهُ بِالنَّارِ أَوْ بِالْقَمَرِ، وَالْمُطَّرِدُ لِكُلِّيَّتِهِ أَقْوَى مِنْ غَيْرِ الْمُطَّرِدِ فَاعْتُبِرَ، وَجُعِلَ نَفْسُ النَّظْمِ الدَّالِّ عَلَى الْمَلْزُومِ دَالًّا عَلَى اللَّازِمِ الْمُتَأَخِّرِ، وَلَمْ يُعْتَبَرْ غَيْرُ الْمُطَّرِدِ فَلَمْ يُجْعَلْ نَفْسُ النَّظْمِ الدَّالِّ عَلَى الْمَلْزُومِ دَالًّا عَلَى اللَّازِمِ الْمُتَقَدِّمِ.
وَأَيْضًا مُثْبِتُ الْعِلَّةِ مُثْبِتٌ لِلْمَعْلُولِ لِكَوْنِهِ تَبَعًا، وَمُثْبِتُ الْمَعْلُولِ لَيْسَ بِمُثْبِتٍ لِلْعِلَّةِ لِكَوْنِهَا أَصْلًا بَلْ لِأَنَّ مُثْبِتَ الْمَعْلُولِ قَدْ يَكُونُ نَفْسَ الْعِلَّةِ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَيَحْسُنُ أَنْ يُقَالَ: الْمَعْلُومُ كَاللَّازِمِ الْمُتَأَخِّرِ ثَابِتٌ بِعِبَارَةِ النَّصِّ الْمُثْبِتِ لِلْعِلَّةِ كَالْمَلْزُومِ، وَلَا يَحْسُنُ أَنْ يُقَالَ: الْعِلَّةُ كَاللَّازِمِ الْمُتَقَدِّمِ ثَابِتٌ بِعِبَارَةِ النَّصِّ الْمُثْبِتِ لِلْمَعْلُولِ كَالْمَلْزُومِ.
(قَوْلُهُ {لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ} [الحشر: ٨] بَدَلٌ مِنْ قَوْلِهِ لِذِي الْقُرْبَى، وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ فِي قَوْله تَعَالَى {مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى} [الحشر: ٧] الْآيَةَ، وَقِيلَ: هُوَ عَطْفٌ عَلَيْهِ بِتَرْكِ الْعَاطِفِ، وَحَقِيقَةُ الْفَقْرِ بِعَدَمِ الْمِلْكِ لَا بِمُجَرَّدِ الِاحْتِيَاجِ وَبُعْدِ الْيَدِ عَنْ الْمَالِ، وَلِهَذَا لَا يُسَمَّى ابْنُ السَّبِيلِ فَقِيرًا فَفِي إطْلَاقِ اسْمِ الْفُقَرَاءِ عَلَيْهِمْ مَعَ كَوْنِهِمْ ذَوِي دِيَارٍ وَأَمْوَالٍ بِمَكَّةَ إشَارَةٌ إلَى زَوَالِ مِلْكِهِمْ عَمَّا خَلَّفُوا فِي دَارِ الْحَرْبِ، وَأَنَّ الْكُفَّارَ يَمْلِكُونَ بِالِاسْتِيلَاءِ بِشَرْطِ الْإِحْرَازِ فَإِنْ قِيلَ: هُوَ اسْتِعَارَةٌ شُبِّهُوا بِالْفُقَرَاءِ لِاحْتِيَاجِهِمْ وَانْقِطَاعِ أَطْمَاعِهِمْ عَنْ أَمْوَالِهِمْ بِالْكُلِّيَّةِ بِقَرِينَةِ أَنَّ اللَّهَ لَمْ يَجْعَلْ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا، وَالْمُرَادُ السَّبِيلُ الشَّرْعِيُّ لَا الْحِسِّيُّ، وَبِقَرِينَةِ إضَافَةِ الدِّيَارِ وَالْأَمْوَالِ إلَيْهِمْ، وَهِيَ تُفِيدُ الْمِلْكَ؟ .
أُجِيبَ بِأَنَّ الْأَصْلَ هُوَ الْحَقِيقَةُ، وَمَعْنَى الْآيَةِ نَفْيُ السَّبِيلِ عَنْ أَنْفُسِ الْمُؤْمِنِينَ حَتَّى لَا يَمْلِكُونَهُمْ بِالِاسْتِيلَاءِ لَا عَنْ أَمْوَالِهِمْ، وَإِضَافَةُ الدِّيَارِ وَالْأَمْوَالِ إلَيْهِمْ مَجَازٌ بِاعْتِبَارِ مَا كَانَ؛ لِأَنَّ فِي حَمْلِهَا عَلَى الْحَقِيقَةِ، وَحَمْلِ الْفُقَرَاءِ عَلَى الْمَجَازِ مَصِيرًا إلَى الْخَلَفِ قَبْلَ تَعَذُّرِ الْأَصْلِ، وَهَاهُنَا بَحْثٌ، وَهُوَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute