للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَوْجُودٍ فِي الْخَارِجِ.

(الْمُقَدِّمَةُ الثَّانِيَةُ) كُلُّ مُمْكِنٍ فَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَتَوَقَّفَ وُجُودُهُ عَلَى مُوجِدٍ، وَأَلَّا يَكُونَ وَاجِبًا بِالذَّاتِ، ثُمَّ إنْ لَمْ يُوجَدْ جُمْلَةُ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ وُجُودُهُ يَمْتَنِعُ وُجُودُهُ، وَإِلَّا أَمْكَنَ وُجُودُهُ، وَكُلُّ مُمْكِنٍ لَا يَلْزَمُ مِنْ فَرْضِ وُقُوعِهِ مُحَالٌ وَهَاهُنَا يَلْزَمُ؛ لِأَنَّهُ إنْ وَقَعَ بِدُونِ تِلْكَ الْجُمْلَةِ لَمْ تَكُنْ هِيَ جُمْلَةَ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ، وَالْمَفْرُوضُ خِلَافُهُ، وَإِنْ وُجِدَ تِلْكَ الْجُمْلَةُ يَجِبُ وُجُودُهُ عِنْدَهَا، وَإِلَّا أَمْكَنَ عَدَمُهُ فَفِي حَالِ الْعَدَمِ إنْ تَوَقَّفَ عَلَى شَيْءٍ آخَرَ لَمْ يَكُنْ الْمَفْرُوضُ جُمْلَةً وَإِنْ لَمْ يَتَوَقَّفْ عَلَى شَيْءٍ آخَرَ فَوُجُودُهُ مَعَ الْجُمْلَةِ تَارَةً، وَعَدَمُهُ أُخْرَى رُجْحَانٌ مِنْ غَيْرِ مُرَجِّحٍ، وَهُوَ مُحَالٌ فَإِنْ قِيلَ لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ مُحَالٌ بَلْ الرُّجْحَانُ بِلَا مُرَجِّحٍ بِمَعْنَى وُجُودِ الْمُمْكِنِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُوجِدَهُ شَيْءٌ آخَرُ مُحَالٌ، وَلَمْ يَلْزَمْ هَذَا الْمَعْنَى قُلْت قَدْ لَزِمَ هَذَا الْمَعْنَى؛ لِأَنَّهُ

ــ

[التلويح]

مَفْهُومِ الْفِعْلِ الِاصْطِلَاحِيِّ، وَهُوَ أَمْرٌ اعْتِبَارِيٌّ لَا وُجُودَ لَهُ فِي الْخَارِجِ لِوُجُوهٍ ثَلَاثَةٍ: الْأَوَّلُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ مَوْجُودًا لَكَانَ لَهُ مَوْقِعٌ فَيَكُونُ لَهُ إيقَاعٌ، وَهَكَذَا إلَى غَيْرِ النِّهَايَةِ، وَكُلُّ إيقَاعٍ مَعْلُولٌ لِإِيقَاعِهِ.

وَالتَّقْدِيرُ أَنَّ الْإِيقَاعَاتِ أُمُورٌ مَوْجُودَةٌ فَيَلْزَمُ التَّسَلْسُلُ فِي جَانِبِ الْمَبْدَأِ أَيْ الْعِلَّةِ فِي أُمُورٍ مَوْجُودَةٍ فِي الْخَارِجِ عَلَى مَا هُوَ الْمَفْرُوضُ لَا فِي أُمُورٍ اعْتِبَارِيَّةٍ حَتَّى يَنْقَطِعَ بِانْقِطَاعِ الِاعْتِبَارِ أَوْ يَكُونَ إيقَاعُ الْإِيقَاعِ بَيْنَ الْإِيقَاعِ كَمَا فِي لُزُومِ اللُّزُومِ، وَإِمْكَانِ الْإِمْكَانِ، وَإِنَّمَا قَالَ: فِي الْمَبْدَأِ؛ لِأَنَّ اسْتِحَالَةَ التَّسَلْسُلِ فِي جَانِبِ الْعِلَّةِ مِمَّا قَامَ عَلَيْهِ الْبُرْهَانُ، وَوَقَعَ عَلَيْهِ الِاتِّفَاقُ بِخِلَافِ جَانِبِ الْمَعْلُولِ فَإِنَّهُ لَا بُرْهَانَ عَلَيْهِ، وَبُرْهَانُ التَّطْبِيقِ لَيْسَ بِتَامٍّ عَلَى مَا عُرِفَ فِي عِلْمِ الْكَلَامِ، الثَّانِي أَنَّهُ يَلْزَمُ عِنْدَ إيجَادِ الْفَاعِلِ شَيْئًا أَنْ يُوجَدَ أُمُورٌ مُتَحَقِّقَةٌ غَيْرُ مُتَنَاهِيَةٍ هِيَ الْإِيقَاعَاتُ الْمُتَرَتِّبَةُ، وَبَدِيهَةُ الْعَقْلِ قَاطِعَةٌ بِاسْتِحَالَةِ ذَلِكَ، وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ يَلْزَمُ لَوْ كَانَ إيقَاعُ الْإِيقَاعِ أَيْضًا فِعْلُهُ أَمَّا لَوْ أَوْجَدَ شَيْئًا بِإِيقَاعِهِ، وَكَانَ إيقَاعُهُ بِإِيقَاعِ فَاعِلٍ آخَرَ كَالْبَارِي تَعَالَى فَلَا يَلْزَمُ ذَلِكَ، وَإِذَا انْتَهَى إلَى إيقَاعٍ قَدِيمٍ كَالْوَصْفِ الَّذِي يُسَمَّى تَكْوِينًا لَمْ يَلْزَمْ التَّسَلْسُلُ أَيْضًا. الثَّالِثُ وَهُوَ جَوَابٌ إلْزَامِيٌّ أَنَّ الْإِيقَاعَ مَعْنَاهُ التَّكْوِينُ، وَمَذْهَبُ الْأَشْعَرِيِّ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الصِّفَاتِ الْمَوْجُودَةِ فِي الْخَارِجِ عَلَى مَا تَقَرَّرَ فِي عِلْمِ الْكَلَامِ، وَالْإِلْزَامُ لَيْسَ بِتَامٍّ؛ لِأَنَّ مَذْهَبَ الْأَشْعَرِيِّ أَنَّ التَّكْوِينَ لَيْسَ صِفَةً حَقِيقَةً أَزَلِيَّةً مُغَايِرَةً لِلْقُدْرَةِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ نَفْيُ التَّكْوِينِ الْحَادِثِ عِنْدَ تَعَلُّقِ الْقُدْرَةِ، وَالْإِرَادَةِ لِوُجُودِ الشَّيْءِ بَلْ الْعُمْدَةُ فِي إثْبَاتِ هَذَا الْمَطْلُوبِ هُوَ لُزُومُ التَّسَلْسُلِ فِي الْإِيقَاعَاتِ، وَيَمْتَنِعُ انْتِهَاؤُهُ إلَى إيقَاعٍ قَدِيمٍ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَلْزِمُ قِدَمَ الْحَادِثِ ضَرُورَةَ أَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ إيقَاعًا بِالْمَعْنَى الْمَصْدَرِيِّ مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ يَقَعُ بِهِ.

(قَوْلُهُ: الْمُقَدِّمَةُ الثَّانِيَةُ) حَاصِلُهَا أَنَّهُ لَا بُدَّ لِكُلِّ مُمْكِنٍ مِنْ عِلَّةٍ يَجِبُ وُجُودُهُ عِنْدَ وُجُودِهَا، وَعَدَمُهُ عِنْدَ عَدَمِهَا فَهُوَ بِالنَّظَرِ إلَى وُجُودِ الْعِلَّةِ وَاجِبٌ، وَهُوَ الْوُجُوبُ بِالْغَيْرِ، وَبِالنَّظَرِ إلَى عَدَمِهَا مُمْتَنِعٌ، وَهُوَ الِامْتِنَاعُ بِالْغَيْرِ مَا تَوَقَّفَ وُجُودُ الْمُمْكِنُ عَلَى عِلَّةٍ مُوجِدَةٍ فَضَرُورِيٌّ وَاضِحٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>