للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنْ أَمْكَنَ عَدَمُهُ مَعَ هَذِهِ الْجُمْلَةِ يَجِبُ أَنْ لَا يَلْزَمَ مِنْ فَرْضِ عَدَمِهِ مُحَالٌ لَكِنَّهُ يَلْزَمُ؛ لِأَنَّهُ لَا شَكَّ أَنَّهُ فِي زَمَانِ عَدَمِهِ لَمْ يُوجِدْهُ شَيْءٌ فَفِي الزَّمَانِ الَّذِي وُجِدَ إنْ وُجِدَ بِإِيجَادِ شَيْءٍ آخَرَ إيَّاهُ يَكُونُ الْإِيجَادُ مِنْ جُمْلَةِ مَا يَتَوَقَّفُ

ــ

[التلويح]

مِنْ مُلَاحَظَةِ مَفْهُومِ الْمُمْكِنِ، وَهُوَ مَا لَا يَكُونُ وُجُودُهُ، وَلَا عَدَمُهُ مِنْ ذَاتِهِ، وَإِنَّمَا يَخْفَى عَلَى بَعْضِ الْأَذْهَانِ لِعَدَمِ مُلَاحَظَةِ مَفْهُومِ الْإِمْكَانِ أَوْ مَعْنَى الِاحْتِيَاجِ إلَى الْمُوجِدِ، وَهَذَا لَا يُنَافِي الضَّرُورَةَ قَدْ يُنَبِّهُ عَلَيْهِ بِصُورَةِ الِاسْتِدْلَالِ فَلِهَذَا قَالَ، وَإِلَّا أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَتَوَقَّفْ وُجُودُهُ عَلَى مُوجِدٍ لَكَانَ وَاجِبًا إذْ لَا نَعْنِي بِالْوَاجِبِ إلَّا مَا يَكُونُ وُجُودُهُ مِنْ ذَاتِهِ، وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى مُوجِدٍ، وَأَمَّا كَوْنُ عِلَّةِ الْمُمْكِنِ بِحَيْثُ يَجِبُ عَدَمُ الْمُمْكِنِ عِنْدَ عَدَمِهَا، وَيَجِبُ وُجُودُهُ عِنْدَ وُجُودِهَا بِجَمِيعِ أَجْزَائِهَا، وَشَرَائِطِهَا، وَهُوَ الْمُرَادُ بِجُمْلَةِ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ وُجُودُ الْمُمْكِنِ فَحَاصِلُهُ مُقَدِّمَتَانِ: إحْدَاهُمَا قَوْلُنَا: كُلَّمَا عَدِمَتْ جُمْلَةُ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ وُجُودُ الْمُمْكِنِ امْتَنَعَ وُجُودُهُ. وَالثَّانِيَةُ قَوْلُنَا: كُلَّمَا وُجِدَتْ جُمْلَةُ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ وُجُودُ الْمُمْكِنِ وَجَبَ وُجُودُهُ أَمَّا الْأُولَى فَلِأَنَّهَا لَوْ لَمْ تَصْدُقْ لَصَدَقَ قَوْلُنَا قَدْ يَكُونُ إذَا عَدِمَتْ الْجُمْلَةُ لَمْ يَمْتَنِعْ وُجُودُ الْمُمْكِنِ بَلْ أَمْكَنَ بِالْإِمْكَانِ الْعَامِّ، وَهَذَا بَاطِلٌ؛ لِأَنَّ وُجُودَ الْمُمْكِنِ عَلَى تَقْدِيرِ عَدَمِ جُمْلَةِ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ لَوْ كَانَ مُمْكِنًا لَمَا لَزِمَ مِنْ فَرْضِ وُقُوعِهِ مُحَالٌ، وَاللَّازِمُ بَاطِلٌ أَمَّا الْمُلَازَمَةُ؛ فَلِأَنَّ اسْتِحَالَةَ اللَّازِمِ تُوجِبُ اسْتِحَالَةَ الْمَلْزُومِ ضَرُورَةَ امْتِنَاعِ الْمَلْزُومِ بِدُونِ اللَّازِمِ تَحْقِيقًا لِمَعْنَى الْمَلْزُومِ، وَالْمُسْتَحِيلُ لَا يَكُونُ مُمْكِنًا، وَأَمَّا بُطْلَانُ اللَّازِمِ فَلِأَنَّهُ لَوْ فُرِضَ وُقُوعُ وُجُودِ الْمُمْكِنِ بِدُونِ وُجُودِ جُمْلَةِ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ لَزِمَ أَنْ لَا يَكُونَ بَعْضُ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ مَوْقُوفًا عَلَيْهِ، وَهَذَا مُحَالٌ، وَبَيَانُ الْمَلْزُومِ ظَاهِرٌ.

وَأَمَّا الثَّانِيَةُ؛ فَلِأَنَّهَا لَوْ لَمْ تَصْدُقْ لَصَدَقَ قَوْلُنَا: قَدْ يَكُونُ إذَا وُجِدَتْ جُمْلَةُ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ وُجُودُ الْمُمْكِنِ لَمْ يَجِبْ وُجُودُهُ بَلْ أَمْكَنَ عَدَمُهُ بِالْإِمْكَانِ الْعَامِّ، وَهَذَا بَاطِلٌ؛ لِأَنَّ عَدَمَ الْمُمْكِنِ عَلَى تَقْدِيرِ وُجُودِ الْجُمْلَةِ، وَكَانَ مُمْكِنًا لِمَا لَزِمَ مِنْ فَرْضِ وُقُوعِهِ مُحَالٌ، وَاللَّازِمُ بَاطِلٌ.

لِأَنَّا لَوْ فَرَضْنَا وُقُوعَ عَدَمِ الْمُمْكِنِ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ وُجُودُهُ فَفِي تِلْكَ الْحَالَةِ إمَّا أَنْ يَتَوَقَّفَ الْوُجُودُ عَلَى شَيْءٍ آخَرَ أَوْ لَا، وَكِلَاهُمَا مُحَالٌ: أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِاسْتِلْزَامِهِ أَنْ لَا يَكُونَ جُمْلَةُ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ جُمْلَةً لِبَقَاءِ شَيْءٍ آخَرَ، وَأَمَّا الثَّانِي فَلِاسْتِلْزَامِهِ الرُّجْحَانَ بِلَا مُرَجِّحٍ، وَهُوَ وُجُودُ الْمُمْكِنِ تَارَةً، وَعَدَمُهُ أُخْرَى مَعَ تَحَقُّقِ جُمْلَةِ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ وُجُودُهُ فِي الْحَالَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ أَوْ نُقْصَانٍ تُرَجِّحَ الْوُجُودَ أَوْ الْعَدَمَ، وَكِلَا الْأَمْرَيْنِ أَعْنِي الرُّجْحَانَ بِلَا مُرَجِّحٍ، وَعَدَمَ كَوْنِ الْجُمْلَةِ جُمْلَةً مُحَالٌ بِالضَّرُورَةِ فَعَدَمُ الْمُمْكِنِ عِنْدَ تَحَقُّقِ جُمْلَةِ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ وُجُودُهُ مُحَالٌ فَوُجُودُهُ وَاجِبٌ، وَهُوَ الْمَطْلُوبُ فَإِنْ قِيلَ: إنْ أَرَدْتُمْ الرُّجْحَانَ مِنْ غَيْرِ مُرَجِّحٍ وُجُودَ الْمُمْكِنِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُوجِدَهُ شَيْءٌ آخَرُ أَيْ

<<  <  ج: ص:  >  >>