للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَا بِوَصْفِهِ أَوْ مُجَاوِرِهِ، وَالْكُلُّ وَاحِدٌ.

(فَعَلَى هَذَا الْأَصْلِ) وَهُوَ أَنَّ النَّهْيَ عَنْ الْمَشْرُوعَاتِ يَقْتَضِي الْقُبْحَ لِعَيْنِهِ عِنْدَهُ إلَّا بِدَلِيلِ أَنَّ النَّهْيَ لِلْقُبْحِ لِغَيْرِهِ، وَعِنْدَنَا يَقْتَضِي الْقُبْحَ لِغَيْرِهِ، وَالصِّحَّةُ وَالْمَشْرُوعِيَّةُ بِأَصْلِهِ إلَّا بِدَلِيلِ أَنَّ النَّهْيَ لِلْقُبْحِ لِعَيْنِهِ.

(إنْ لَمْ يَدُلَّ الدَّلِيلُ) عَلَى أَنَّ النَّهْيَ لِلْقُبْحِ لِعَيْنِهِ أَوْ لِغَيْرِهِ (يَبْطُلُ عِنْدَهُ، وَيَصِحُّ بِأَصْلِهِ عِنْدَنَا، وَإِنْ دَلَّ الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ النَّهْيَ لِلْقُبْحِ لِغَيْرِهِ فَذَلِكَ الْغَيْرُ إنْ كَانَ وَصْفًا لَهُ يَبْطُلُ عِنْدَهُ، وَيَفْسُدُ عِنْدَنَا أَيْ يَصِحُّ بِأَصْلِهِ لَا بِوَصْفِهِ إذْ الصِّحَّةُ تَتْبَعُ الْأَرْكَانَ وَالشَّرَائِطَ فَيَحْسُنُ لِعَيْنِهِ وَيَقْبُحُ لِغَيْرِهِ بِلَا تَرْجِيحِ الْعَارِضِيِّ عَلَى الْأَصْلِيِّ، وَعِنْدَهُ الْبَاطِلُ وَالْفَاسِدُ سَوَاءٌ) هَذَا هُوَ الْخِلَافُ الْآخَرُ الَّذِي وَعَدْت ذِكْرَهُ، وَهُوَ بِنَاءً عَلَى الْخِلَافِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْأَصْلُ فِي الْمَنْهِيِّ عَنْهُ الْبُطْلَانَ عِنْدَهُ يَجِبُ أَنْ يَجْرِيَ عَلَى أَصْلِهِ الْأَوَّلِ إلَّا عِنْدَ الضَّرُورَةِ، فَالضَّرُورَةُ مُقْتَصِرَةٌ عَلَى مَا إذَا دَلَّ الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ النَّهْيَ لِقُبْحِ الْمُجَاوِرِ كَالْبَيْعِ وَقْتَ النِّدَاءِ أَمَّا إذَا دَلَّ الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ النَّهْيَ لِقُبْحِ الْوَصْفِ اللَّازِمِ فَلَا ضَرُورَةَ فِي أَنْ لَا يَجْرِيَ النَّهْيُ عَلَى أَصْلِهِ، فَإِنَّ بُطْلَانَ الْوَصْفِ اللَّازِمِ يُوجِبُ بُطْلَانَ الْأَصْلِ بِخِلَافِ الْمُجَاوَرَةِ، فَإِنَّهُ لَيْسَ بِلَازِمٍ، وَأَمَّا عِنْدَنَا فَلِأَنَّ الْأَصْلَ فِي النَّهْيِ عَنْهُ إذَا كَانَ تَصَرُّفًا شَرْعِيًّا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ وُجُودُهُ وَصِحَّتُهُ شَرْعًا فَيَجْرِيَ عَلَى أَصْلِهِ إلَّا عِنْدَ الضَّرُورَةِ، وَهِيَ مُنْحَصِرَةٌ فِيمَا إذَا دَلَّ الدَّلِيلُ عَلَى

ــ

[التلويح]

بَيْعٍ وَشَرْطٍ» وَالنَّهْيُ رَاجِعٌ لِلشَّرْطِ فَيَبْقَى أَصْلُ الْعَقْدِ صَحِيحًا مُفِيدًا لِلْمِلْكِ لَكِنْ بِصِفَةِ الْفَسَادِ وَالْحُرْمَةِ كَالشَّرْطِ أَمْرٌ زَائِدٌ عَلَى الْبَيْعِ لَازِمٌ لَهُ لِكَوْنِهِ مَشْرُوطًا فِي نَفْسِ الْعَقْدِ، وَهُوَ الْمُرَادُ بِالْوَصْفِ فِي هَذَا الْمَقَامِ.

(قَوْلُهُ وَالرِّبَا) أَيْ وَكَالْبَيْعِ بِالرِّبَا، وَهُوَ الْفَضْلُ الْخَالِي عَنْ الْعِوَضِ، وَإِنْ فُسِّرَ الرِّبَا بِمُعَاوَضَةِ مَالٍ بِمَالٍ مِنْ جِنْسِهِ، وَفِي أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ فَضْلٌ خَالٍ عَنْ الْعِوَضِ مُسْتَحَقٌّ بِعَقْدِ الْمُعَاوَضَةِ فَهُوَ عَطْفٌ عَلَى الْبَيْعِ بِالشَّرْطِ لَا عَلَى الشَّرْطِ.

(قَوْلُهُ وَالْبَيْعِ بِالْخَمْرِ) ، فَإِنَّهُ فَاسِدٌ لِأَنَّ الْخَمْرَ جُعِلَتْ ثَمَنًا وَهُوَ غَيْرُ مَقْصُودٍ بَلْ وَسِيلَةٌ إلَى الْمَقْصُودِ إذْ الِانْتِفَاعُ بِالْأَعْيَانِ لَا بِالْأَثْمَانِ، وَلِهَذَا يُشْتَرَطُ وُجُودُ الْمَبِيعِ دُونَ الثَّمَنِ عِنْدَ الْعَقْدِ فَبِهَذَا الِاعْتِبَارِ صَارَ الثَّمَنُ مِنْ جُمْلَةِ الشُّرُوطِ بِمَنْزِلَةِ آلَاتِ الصُّنَّاعِ فَيَفْسُدُ الْبَيْعُ لِكَوْنِ أَحَدِ الْبَدَلَيْنِ غَيْرَ مُتَقَوِّمٍ إذْ الْمُتَقَوِّمُ مَا يَجِبُ إبْقَاؤُهُ بِعَيْنِهِ أَوْ بِمِثْلِهِ أَوْ بِقِيمَتِهِ، وَالْخَمْرُ وَاجِبٌ اجْتِنَابُهَا بِالنَّصِّ لِعَدَمِ تَقَوُّمِهَا لَكِنَّهَا تَصْلُحُ لِلثَّمَنِ؛ لِأَنَّهَا مَالٌ؛ لِأَنَّ الْمَالَ مَا يَمِيلُ إلَيْهِ الطَّبْعُ وَيُدَّخَرُ لِوَقْتِ الْحَاجَةِ أَوْ مَا خُلِقَ لِمَصَالِحِ الْآدَمِيِّ، وَيَجْرِي فِيهِ الشُّحُّ وَالضِّنَةُ.

(قَوْلُهُ وَصَوْمِ الْأَيَّامِ الْمَنْهِيَّةِ) أَعْنِي الْعِيدَيْنِ وَأَيَّامَ التَّشْرِيقِ، فَإِنَّهُ فَاسِدٌ لَا بَاطِلٌ؛ لِأَنَّ الصَّوْمَ نَفْسَهُ مَشْرُوعٌ لِكَوْنِهِ إمْسَاكًا عَلَى قَصْدِ الْقُرْبَةِ وَقَهْرِ النَّفْسِ لِمُخَالَفَةِ هَوَاهَا وَتَحْرِيضًا لَهَا عَلَى مُوَاسَاةِ الْفُقَرَاءِ بِالِاطِّلَاعِ عَلَى شِدَّةِ حَالِهِمْ، وَالنَّهْيُ إنَّمَا هُوَ لِهَذِهِ الْأَوْقَاتِ بِاعْتِبَارِ أَنَّهَا أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ عَلَى مَا وَرَدَ بِهِ الْحَدِيثُ، وَالْوَقْتُ مِعْيَارٌ لِلصَّوْمِ

<<  <  ج: ص:  >  >>