للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الِاشْتِغَالُ عَنْ السَّعْيِ الْوَاجِبِ بِدُونِ الْبَيْعِ، وَأَيْضًا عَلَى الْعَكْسِ إذَا جَرَى الْبَيْعُ فِي حَالَةِ السَّعْيِ، وَإِمَّا غَيْرُ صَادِقٍ كَقَطْعِ الطَّرِيقِ لَا يَصْدُقُ عَلَى السَّفَرِ بَلْ السَّفَرُ الْمُوصِلُ إلَى الْقَطْعِ فَالْقَطْعُ يُوجَدُ بِدُونِ سَفَرِ الْمَعْصِيَةِ كَمَا إذَا قَطَعَ بِدُونِ السَّفَرِ أَوْ سَافَرَ لِلْحَجِّ فَقَطَعَ الطَّرِيقَ، وَأَيْضًا عَلَى الْعَكْسِ بِأَنْ سَافَرَ بِدُونِ نِيَّةِ الْقَطْعِ، وَلَمْ يُوجَدْ الْقَطْعُ أَوْ سَافَرَ بِنِيَّةِ الْقَطْعِ لَكِنْ لَمْ يُوجَدْ الْقَطْعُ إذَا ثَبَتَ هَذَا جِئْنَا إلَى تَطْبِيقِ هَذِهِ الْأُصُولِ عَلَى الْأَمْثِلَةِ الْمَذْكُورَةِ أَمَّا الرِّبَا، فَإِنَّهُ فَضْلٌ خَالٍ عَنْ الْعِوَضِ شُرِطَ فِي عَقْدِ الْمُعَاوَضَةِ فَلَمَّا كَانَ مَشْرُوطًا فِي الْعَقْدِ كَانَ لَازِمًا لِلْعَقْدِ، ثُمَّ هُوَ خَالٍ عَنْ الْعِوَضِ؛ لِأَنَّ الدِّرْهَمَ لَا يَصْلُحُ عِوَضًا إلَّا لِمِثْلِهِ، فَإِنَّ الْمُعَادَلَةَ بَيْنَ الزَّائِدِ وَالنَّاقِصِ عُدُولٌ عَنْ قَضِيَّةِ الْعَدْلِ فَلَمْ تُوجَدْ الْمُبَادَلَةُ فِي الزَّائِدِ لَكِنَّ الزَّائِدَ هُوَ فَرْعٌ عَلَى الْمَزِيدِ عَلَيْهِ فَكَانَ كَالْوَصْفِ أَوْ نَقُولُ رُكْنُ الْبَيْعِ وَهُوَ مُبَادَلَةُ الْمَالِ بِالْمَالِ، وَقَدْ وُجِدَ لَكِنْ لَمْ تُوجَدْ الْمُبَادَلَةُ التَّامَّةُ فَأَصْلُ الْمُبَادَلَةِ حَاصِلٌ لَا وَصْفُهَا، وَهُوَ كَوْنُهَا تَامَّةٌ، وَأَمَّا الْبَيْعُ بِالشَّرْطِ فَكَالرِّبَا؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ أَمْرٌ زَائِدٌ، وَأَمَّا الْبَيْعُ بِالْخَمْرِ، فَإِنَّ الْخَمْرَ مَالٌ غَيْرُ مُتَقَوِّمٍ فَجَعَلَهَا ثَمَنًا لَا يَبْطُلُ الْبَيْعُ لِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ الثَّمَنَ غَيْرُ مَقْصُودٍ بَلْ تَابِعٌ وَوَسِيلَةٌ فَيَجْرِيَ مَجْرَى الْأَوْصَافِ التَّابِعَةِ، وَلِأَنَّ رُكْنَ الْبَيْعِ، وَهُوَ مُبَادَلَةُ الْمَالِ بِالْمَالِ مُتَحَقِّقٌ لَكِنَّ الْمُبَادَلَةَ التَّامَّةَ لَمْ تُوجَدْ لِعَدَمِ الْمَالِ الْمُتَقَوِّمِ فِي أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ، وَأَمَّا صَوْمُ الْأَيَّامِ الْمَنْهِيَّةِ فَلِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ الْوَقْتَ كَالْوَصْفِ، وَلِأَنَّهُ إعْرَاضٌ عَنْ ضِيَافَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَهَذَا وَصْفٌ لَهُ، وَأَمَّا الصَّلَاةُ فِي الْأَرْضِ

ــ

[التلويح]

أَنْ يَقُولَ لِمَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَحَدُ رُكْنَيْ الشَّيْءِ وَسِيلَةً إلَى الْآخَرِ، وَالْآخَرُ مَقْصُودًا أَصْلِيًّا بَلْ الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِرُكْنٍ هُوَ أَنَّ الْبَيْعَ يَجُوزُ مَعَ عَدَمِ الثَّمَنِ، وَلَا يَجُوزُ مَعَ عَدَمِ الْمَبِيعِ نَعَمْ تَصَوُّرُ مَفْهُومِ الْبَيْعِ لَا يُمْكِنُ بِدُونِ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّهُ مُبَادَلَةُ مَالٍ بِمَالٍ عَلَى التَّرَاضِي، وَالتَّلَفُّظُ بِصِيغَةِ الْبَيْعِ لَا يَصِحُّ شَرْعًا بِدُونِ ذِكْرِ الثَّمَنِ كَالْمَبِيعِ إلَّا أَنَّهُ اُخْتُصَّ الْمَبِيعُ بِأَنَّ الْبِيَعَ لَا يَصِحُّ بِدُونِ وُجُودِهِ فَجَعَلُوهُ رُكْنًا، بِخِلَافِ الثَّمَنِ.

(قَوْلُهُ وَأَمَّا الْبُيُوعُ الْفَاسِدَةُ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ لَا مَعْنَى لِهَذَا الْكَلَامِ فِي هَذَا الْمَقَامِ.

(قَوْلُهُ وَكَذَا) أَيْ مِثْلُ بَيْعِ الْمَضَامِينِ وَالْمَلَاقِيحِ النِّكَاحُ بِغَيْرِ شُهُودٍ فِي الْبُطْلَانِ لَا فِي أَنَّ النَّهْيَ فِيهِ لِذَاتِهِ إذْ لَا نَهْيَ هَاهُنَا؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «لَا نِكَاحَ إلَّا بِالشُّهُودِ» نَفْيٌ لِتَحَقُّقِ النِّكَاحِ الشَّرْعِيِّ بِدُونِ الشُّهُودِ وَإِنَّمَا يَثْبُتُ بَعْضُ أَحْكَامِ النِّكَاحِ فِيهِ مِنْ سُقُوطِ الْحَدِّ وَثُبُوتِ النَّسَبِ وَوُجُوبِ الْعِدَّةِ وَالْمَهْرِ لِشُبْهَةِ الْعَقْدِ، وَهِيَ وُجُودُ صُورَتِهِ فِي مَحَلِّهِ لَا لِصِحَّةِ النِّكَاحِ، وَلَمَّا كَانَ هُنَا مَظِنَّةُ أَنْ يُقَالَ إنَّ هَذَا النَّفْيَ فِي مَعْنَى النَّهْيِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ} [البقرة: ١٩٧] وَأَيْضًا قَدْ وَرَدَ النَّهْيُ عَنْ النِّكَاحِ مَعَ بُطْلَانِهِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ} [النساء: ٢٢] أَشَارَ إلَى جَوَابٍ أَعَمَّ وَأَتَمَّ وَهُوَ أَنَّ النِّكَاحَ إنَّمَا شُرِّعَ لِلْحِلِّ ضَرُورَةَ

<<  <  ج: ص:  >  >>