للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ.

(وَلَا يَلْزَمُ أَنَّ الطَّلَاقَ فِي الْحَيْضِ يُوجِبُ حُكْمًا شَرْعِيًّا؛ لِأَنَّهُ قَبِيحٌ لِغَيْرِهِ وَلَا الظِّهَارَ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي حُكْمٍ مَطْلُوبٍ عَنْ سَبَبٍ لَا فِي حُكْمٍ زَاجِرٍ، فَإِنَّ هَذَا يَعْتَمِدُ حُرْمَةَ سَبَبِهِ) فَحَاصِلُ الْجَوَابِ فِي الطَّلَاقِ إنْ بَحَثْنَا فِي النَّهْيِ عَنْ الْحِسِّيَّاتِ إذَا لَمْ يَدُلَّ الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهُ لِقُبْحِ الْمُجَاوِرِ، وَفِي الطَّلَاقِ قَدْ دَلَّ الدَّلِيلُ، وَأَمَّا فِي الظِّهَارِ فَبَحَثْنَا فِي أَنَّ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ لَا يُفِيدُ حُكْمًا شَرْعِيًّا هُوَ مَطْلُوبٌ عَنْ السَّبَبِ، وَالظِّهَارُ لَا يُفِيدُ حُكْمًا شَرْعِيًّا كَذَلِكَ بَلْ أَفَادَ حُكْمًا شَرْعِيًّا هُوَ زَاجِرٌ.

(قُلْنَا الزِّنَا لَا يُوجِبُ ذَلِكَ بِنَفْسِهِ بَلْ؛ لِأَنَّهُ سَبَبٌ لِلْوَلَدِ، وَهُوَ الْأَصْلُ فِي إيجَابِ الْحُرْمَةِ، ثُمَّ يَتَعَدَّى مِنْهُ إلَى الْأَطْرَافِ وَالْأَسْبَابِ كَالْوَطْءِ) تَقْرِيرُهُ أَنَّ الزِّنَا بِذَاتِهِ لَا يُوجِبُ حُرْمَةَ الْمُصَاهَرَةِ حَتَّى يَرِدَ الْإِشْكَالُ بَلْ لِأَنَّ الْوَلَدَ يُوجِبُ الْحُرْمَةَ؛ لِأَنَّ الِاسْتِمْتَاعَ بِالْجُزْءِ

ــ

[التلويح]

النِّسَاءِ ضَرُورَةَ إقَامَةِ النَّسْلِ كَمَا سَقَطَتْ حَقِيقَةُ الْبَعْضِيَّةِ فِي حَقِّ آدَمَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فَلِهَذَا صَرَّحَ بِذِكْرِ أُمَّهَاتِ النِّسَاءِ، وَفَسَّرَ صَاحِبُ الْكَشْفِ الْأَطْرَافَ بِالْأَبِ وَالْأُمِّ وَمَنَعَ تَفْسِيرَهَا بِالْأَبِ وَالْأَجْدَادِ وَالْأُمِّ وَالْأُمَّهَاتِ؛ لِأَنَّ حُرْمَةَ أُمَّهَاتِ الْمَوْطُوءَةِ وَبَنَاتِهَا لَا يَتَعَدَّى إلَّا إلَى الْأَبِ، وَكَذَا حُرْمَةُ آبَاءِ الْوَاطِئِ وَأَبْنَائِهِ لَا تَتَعَدَّى إلَّا إلَى الْأُمِّ حَتَّى لَا يُحَرِّمَ أُمَّ الزَّوْجَةِ أَوْ جَدَّتَهَا عَلَى أَبِ الزَّوْجِ أَوْ جَدِّهِ، فَإِنْ قِيلَ هَبْ أَنَّ حُرْمَةَ الْوَلَدِ تَتَعَدَّى إلَى فُرُوعِهِ لِوُجُودِ الْبَعْضِيَّةِ فَمَا وَجْهُ تَعَدِّيهَا إلَى الْأُصُولِ.؟ أُجِيبَ بِأَنَّ مَاءَ الرَّجُلِ يَخْتَلِطُ فِي الرَّحِمِ بِمَاءِ الْمَرْأَةِ، وَيَصِيرُ شَيْئًا وَاحِدًا وَيَثْبُتُ لِهَذَا الْمَاءِ بَعْضِيَّةٌ مِنْ الْوَاطِئِ وَأُصُولِهِ وَبَعْضِيَّةٌ مِنْ الْمَوْطُوءَةِ وَأُصُولِهَا، فَإِذَا صَارَ الْمَاءُ إنْسَانًا تُعَدَّى الْبَعْضِيَّةُ مِنْهُ إلَى الْوَاطِئِ وَالْمَوْطُوءَةِ بِاعْتِبَارِ أَنَّ جُزْءًا مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قَدْ صَارَ جُزْءًا مِنْ الْآخَرِ إذْ الْوَلَدُ بِكَمَالِهِ يُضَافُ إلَى كُلٍّ مِنْهُمَا فَكَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا بَعْضًا مِنْ الْآخَرِ بِوَاسِطَةِ الْوَلَدِ فَتَثْبُتُ الْحُرْمَةُ إلَّا أَنَّهُ تُرِكَ فِي حَقِّ الْمَوْطُوءَةِ خَاصَّةً لِضَرُورَةِ التَّنَاسُلِ، وَفِي حَقِّ مَا بَيْنَ الْأَجْدَادِ وَالْجَدَّاتِ؛ لِأَنَّهُ أَمْرٌ حُكْمِيٌّ ضَعِيفٌ فَلَا يُعْتَبَرُ فِي حَقِّ الْأَبَاعِدِ.

(قَوْلُهُ وَالْمِلْكُ بِالْغَصْبِ) فَإِنْ قِيلَ لَوْ كَانَ ثُبُوتُ الْمِلْكِ فِي الْمَغْصُوبِ بِنَاءً عَلَى صَيْرُورَةِ الضَّمَانِ مِلْكًا لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ لَمَّا ثَبَتَ الْمِلْكُ قَبْلَهُ فَلَمْ يَنْفُذْ بَيْعُ الْغَاصِبِ، وَلَمْ يُسَلَّمُ الْكَسْبُ لَهُ قُلْنَا: لَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ سَبَبَ الْمِلْكِ هُوَ مِلْكُ الضَّمَانِ أَوْ تَقَرَّرَ الضَّمَانُ عَلَى الْغَاصِبِ بَلْ السَّبَبُ هُوَ الْغَصْبُ لَكِنْ لَا مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ مَقْصُودًا مِنْ الْغَصْبِ بَلْ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ شَرْطًا لِحُكْمٍ شَرْعِيٍّ هُوَ وُجُوبُ الضَّمَانِ الْمُتَوَقِّفِ عَلَى خُرُوجِ الْمَغْصُوبِ عَنْ مِلْكِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ لِيَكُونَ الْقَضَاءُ بِالْقِيمَةِ جَبْرًا لِمَا فَاتَ إذْ لَا جَبْرَ بِدُونِ الْفَوَاتِ، وَمَا ثَبَّتَ شَرْطًا لِحُكْمٍ شَرْعِيٍّ يَكُونُ حَسَنًا بِحُسْنِهِ، وَإِنْ قَبُحَ فِي نَفْسِهِ، وَيُعْتَبَرُ مُقَدَّمًا عَلَيْهِ ضَرُورَةَ تَقَدُّمِ الشَّرْطِ عَلَى الْمَشْرُوطِ، فَزَوَالُ مِلْكِ الْأَصْلِ مُقْتَضًى، وَمِلْكُ الْبَدَلِ مُتَرَتِّبٌ عَلَيْهِ، وَلَمَّا كَانَ زَوَالُ الْمِلْكِ ضَرُورِيًّا لَمْ يَتَحَقَّقْ فِي الزَّوَائِدِ الْمُنْفَصِلَةِ الَّتِي لَا تَبَعِيَّةَ لَهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>