للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنَّ الْخِيَارَ (يَدْخُلُ عَلَى الْحُكْمِ فَقَطْ) فِي آخِرِ فَصْلِ مَفْهُومِ الْمُخَالَفَةِ.

(وَدَلَالَةُ كَوْنِهِ عِلَّةً لَا سَبَبًا أَنَّ الْمَانِعَ إذَا زَالَ وَجَبَ الْحُكْمُ بِهِ مِنْ حِينِ الْإِيجَابِ وَكَالْإِجَارَةِ حَتَّى صَحَّ تَعْجِيلُ الْأُجْرَةِ) تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ: إنَّهُ عِلَّةٌ مَعْنًى حَتَّى لَوْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ لَمَا صَحَّ التَّعْجِيلُ كَالتَّكْفِيرِ قَبْلَ الْحِنْثِ عِنْدَنَا. (وَلَيْسَتْ عِلَّةً حُكْمًا؛ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ مَعْدُومَةٌ) فَيَكُونُ الْحُكْمُ، وَهُوَ مِلْكُ الْمَنْفَعَةِ مُتَرَاخِيًا عَنْ الْعَقْدِ، فَلَا يَكُونُ عِلَّةً حُكْمًا (لَكِنَّهَا) أَيْ الْإِجَارَةَ (تُشْبِهُ الْأَسْبَابَ لِمَا فِيهَا مِنْ الْإِضَافَةِ إلَى وَقْتٍ مُسْتَقْبَلٍ) كَمَا إذَا قَالَ فِي رَجَبٍ أَجَّرْت الدَّارَ مِنْ غُرَّةِ رَمَضَانَ يَثْبُتُ الْحُكْمُ مِنْ

ــ

[التلويح]

حَقِّ غَيْرِ الْفَسْخِ.

(قَوْلُهُ: كَالْمُعَلَّقِ بِالشَّرْطِ عَلَى مَا يَأْتِي) فِي أَقْسَامِ الشَّرْطِ مِنْ أَنَّ وُقُوعَ الطَّلَاقِ قَبْلَ دُخُولِ الدَّارِ ثَابِتٌ بِالتَّطْلِيقِ السَّابِقِ وَمُضَافٌ إلَيْهِ فَيَكُونُ عِلَّةً لَهُ اسْمًا لَكِنَّهُ لَيْسَ بِمُؤَثِّرٍ فِي وُقُوعِ الطَّلَاقِ قَبْلَ دُخُولِ الدَّارِ بَلْ الْحُكْمُ مُتَرَاخٍ عَنْهُ، فَلَا يَكُونُ عِلَّةً مَعْنًى وَحُكْمًا.

(قَوْلُهُ: عَلَى مَا ذَكَرْنَا) فِي آخِرِ فَصْلِ مَفْهُومِ الْمُخَالَفَةِ مِنْ أَنَّ الْقِيَاسَ أَنْ لَا يَجُوزَ شَرْطُ الْخِيَارِ لِمَا فِيهِ مِنْ تَعْلِيقِ التَّمْلِيكِ بِالْخَطَرِ إلَّا أَنَّ الشَّارِعَ جَوَّزَهُ لِلضَّرُورَةِ وَهِيَ تَنْدَفِعُ بِدُخُولِهِ فِي الْحُكْمِ دُونَ السَّبَبِ الَّذِي هُوَ أَكْثَرُ خَطَرًا.

فَإِنْ قِيلَ: فَيَلْزَمُ الْقَوْلُ بِتَخْصِيصِ الْعِلَّةِ أَيْ تَأَخُّرِ الْحُكْمِ عَنْهَا لِمَانِعٍ قُلْنَا الْخِلَافُ فِي تَخْصِيصِ الْعِلَلِ إنَّمَا هُوَ فِي الْأَوْصَافِ الْمُؤَثِّرَةِ فِي الْأَحْكَامِ لَا فِي الْعِلَلِ الَّتِي هِيَ أَحْكَامٌ شَرْعِيَّةٌ كَالْعُقُودِ وَالْفَسْخِ، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْخِلَافَ إنَّمَا هُوَ فِي الْعِلَّةِ الْحَقِيقِيَّةِ أَعْنِي الْعِلَّةَ اسْمًا وَمَعْنًى وَحُكْمًا وَلَيْسَ بِمُسْتَقِيمٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ التَّرَاخِي فِيمَا هُوَ عِلَّةٌ حُكْمًا فَكَيْفَ يَقَعُ فِيهِ النِّزَاعُ.

(قَوْلُهُ: وَدَلَالَةُ كَوْنِهِ عِلَّةً) لَمَّا كَانَتْ الْعِلَّةُ اسْمًا وَمَعْنًى يَتَرَاخَى عَنْهَا حُكْمُهَا كَمَا فِي السَّبَبِ اُحْتِيجَ إلَى وَجْهِ التَّفْرِقَةِ بَيْنَهُمَا وَالدَّلَالَةِ عَلَى أَنَّ الْبَيْعَ الْمَوْقُوفَ، أَوْ الْبَيْعَ بِالْخِيَارِ عِلَّةٌ لَا سَبَبٌ، وَذَلِكَ أَنَّهُ إذَا زَالَ الْمَانِعُ بِأَنْ يَأْذَنَ الْمَالِكُ فِي بَيْعِ الْفُضُولِيِّ وَبِمُضِيِّ مُدَّةِ الْخِيَارِ، أَوْ يُجْبَرَ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ فِي بَيْعِ الْخِيَارِ يَثْبُتُ الْمِلْكُ مُسْتَنِدًا إلَى وَقْتِ الْعَقْدِ أَيْ يَثْبُتُ الْمِلْكُ مِنْ حِينِ الْإِيجَابِ حَتَّى يَمْلِكَهُ الْمُشْتَرِي بِزَوَائِدِهِ الْمُتَّصِلَةِ وَالْمُنْفَصِلَةِ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ مَعْدُومَةٌ) . فَإِنْ قُلْت: لِمَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عِلَّةً حُكْمًا بِالنِّسْبَةِ إلَى مِلْكِ الْأُجْرَةِ؟ .

قُلْت: مِنْ ضَرُورَةِ عَدَمِ مِلْكِ الْمَنْفَعَةِ فِي الْحَالِ عَدَمُ مِلْكِ بَدَلِهَا، وَهُوَ الْأُجْرَةُ لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الثُّبُوتِ كَالثَّمَنِ وَالْمُثَمَّنِ.

(قَوْلُهُ: لَكِنَّهَا أَيْ الْإِجَارَةُ تُشْبِهُ الْأَسْبَابَ) وَهَذَا اسْتِدْرَاكٌ مِنْ كَوْنِهَا عِلَّةً وَالْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بَنَى مُشَابَهَةَ الْعِلَّةِ لِلسَّبَبِ عَلَى أَنْ يَتَخَلَّلَ بَيْنَ الْعِلَّةِ وَالْحُكْمِ زَمَانٌ، وَلَا يُجْعَلُ ثُبُوتُ الْحُكْمِ مُسْتَنِدًا إلَى حِينِ وُجُودِ الْعِلَّةِ كَمَا إذَا قَالَ فِي رَجَبٍ أَجَّرْتُك الدَّارَ مِنْ غُرَّةِ رَمَضَانَ، فَإِنَّهُ لَا يُثْبِتُ الْإِجَارَةَ مِنْ حِينِ التَّكَلُّمِ بَلْ فِي غُرَّةِ رَمَضَانَ بِخِلَافِ الْبَيْعِ الْمَوْقُوفِ، فَإِنَّ الْمِلْكَ يَثْبُتُ مِنْ حِينِ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ حَتَّى يَمْلِكَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ بِزَوَائِدِهِ فَكَأَنَّهُ لَيْسَ

<<  <  ج: ص:  >  >>