للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَبَيْنَ الْحُكْمِ، فَلَا تَكُونُ مُشَابِهَةً لِلسَّبَبِ.

(وَكَذَا كُلُّ إيجَابٍ مُضَافٍ نَحْوُ أَنْتِ طَالِقٌ غَدًا) فَإِنَّهُ عِلَّةٌ اسْمًا وَمَعْنًى لَا حُكْمًا لَكِنَّهُ يُشْبِهُ الْأَسْبَابَ.

(وَكَذَا النِّصَابُ حَتَّى يُوجِبَ صِحَّةَ الْأَدَاءِ فَيَتَبَيَّنَ بَعْدَ الْحَوْلِ أَنَّهُ كَانَ زَكَاةً) ؛ لِأَنَّهُ فِي أَوَّلِ الْحَوْلِ عِلَّةٌ اسْمًا لِلْإِضَافَةِ إلَيْهِ وَمَعْنًى لِكَوْنِهِ مُؤَثِّرًا؛ لِأَنَّ الْغِنَى يُوجِبُ مُوَاسَاةَ الْفُقَرَاءِ وَلَيْسَ عِلَّةً حُكْمًا لِتَرَاخِي الْحُكْمِ عَنْهُ لَكِنَّهُ مُشَابِهٌ بِالْأَسْبَابِ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ مُتَرَاخٍ إلَى وُجُودِ النَّمَاءِ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مُتَرَاخِيًا إلَيْهِ وَكَانَ النِّصَابُ عِلَّةً مِنْ غَيْرِ مُشَابَهَةٍ بِالْأَسْبَابِ، وَلَوْ كَانَ مُتَرَاخِيًا إلَى مَا هُوَ عِلَّةٌ حَقِيقِيَّةٌ لَكَانَ النِّصَابُ سَبَبًا

ــ

[التلويح]

كُلُّ إيجَابٍ) أَيْ كُلُّ إيجَابٍ يُصَرَّحُ فِيهِ بِالْإِضَافَةِ إلَى الْمُسْتَقْبَلِ، مِثْلُ: أَنْتِ طَالِقٌ غَدًا، فَإِنَّهُ عِلَّةٌ اسْمًا وَمَعْنًى لِإِضَافَةِ الْحُكْمِ إلَيْهِ وَتَأْثِيرِهِ فِيهِ لَا حُكْمًا لِتَرَاخِي الْحُكْمِ عَنْهُ إلَى الْغَدِ فَيُشْبِهُ الْأَسْبَابَ؛ لِأَنَّ الْإِضَافَةَ التَّقْدِيرِيَّةَ كَمَا فِي الْإِجَارَةِ تُوجِبُ شِبْهَ السَّبَبِيَّةِ فَالْإِضَافَةُ الْحَقِيقِيَّةُ أَوْلَى فَلِهَذَا يَقْتَصِرُ وُقُوعُ الطَّلَاقِ عَلَى مَجِيءِ الْغَدِ مِنْ غَيْرِ اسْتِنَادٍ إلَى زَمَانِ الْإِيجَابِ.

(قَوْلُهُ: وَكَذَا النِّصَابُ) أَيْ النِّصَابُ عِلَّةٌ لِوُجُوبِ الزَّكَاةِ اسْمًا وَمَعْنًى لِتَحَقُّقِ الْإِضَافَةِ وَالتَّأْثِيرِ لَا حُكْمًا لِعَدَمِ الْمُقَارَنَةِ، فَإِنَّ الْحُكْمَ يَتَرَاخَى إلَى وُجُودِ النَّمَاءِ الَّذِي أُقِيمَ حَوَلَانُ الْحَوْلِ مَقَامَهُ مِثْلَ إقَامَةِ السَّفَرِ مَقَامَ الْمَشَقَّةِ لِقَوْلِهِ: - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «لَا زَكَاةَ فِي مَالٍ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ» ، ثُمَّ النِّصَابُ عِلَّةٌ تُشْبِهُ الْأَسْبَابَ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِمَّا يُقَارِنُهَا الْحُكْمُ مِنْ غَيْرِ تَرَاخٍ حَتَّى تَكُونَ عِلَّةً شَبِيهَةً بِالْأَسْبَابِ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ: وَلَوْ لَمْ يَكُنْ أَيْ الْحُكْمُ مُتَرَاخِيًا إلَيْهِ أَيْ إلَى وُجُودِ النَّمَاءِ كَانَ النِّصَابُ عِلَّةً مِنْ غَيْرِ مُشَابَهَةٍ بِالْأَسْبَابِ وَلَيْسَ أَيْضًا سَبَبًا حَقِيقِيًّا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مَوْقُوفٌ عَلَى أَنْ يَكُونَ النَّمَاءُ عِلَّةً حَقِيقِيَّةً مُسْتَقِلَّةً وَلَيْسَ كَذَلِكَ ضَرُورَةَ أَنَّ الْمُؤَثِّرَ هُوَ الْمَالُ النَّامِي لَا مُجَرَّدُ وَصْفِ النَّمَاءِ، فَإِنَّهُ قَائِمٌ بِالْمَالِ لَا اسْتِقْلَالَ لَهُ أَصْلًا، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ: وَلَوْ كَانَ مُتَرَاخِيًا إلَى مَا هُوَ عِلَّةٌ حَقِيقِيَّةٌ لَكَانَ سَبَبًا حَقِيقًا وَلَيْسَ أَيْضًا عِلَّةُ الْعِلَّةِ بِمَنْزِلَةِ شِرَاءِ الْقَرِيبِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ كَذَلِكَ لَوْ كَانَ النَّمَاءُ حَاصِلًا بِنَفْسِ النِّصَابِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ النَّمَاءَ الْحَقِيقِيَّ هُوَ الدَّرُّ وَالنَّسْلُ وَالثَّمَنُ فِي الْإِسَامَةِ وَزِيَادَةُ الْمَالِ فِي التِّجَارَةِ وَالْحُكْمِيُّ هُوَ حَوَلَانُ الْحَوْلِ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ ذَلِكَ لَا يَحْصُلُ بِنَفْسِ النِّصَابِ بِسَوْمِ السَّائِمَةِ وَعَمَلِ التِّجَارَةِ وَتَغَيُّرِ الْأَسْفَارِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ: وَلَوْ كَانَ مُتَرَاخِيًا إلَى شَيْءٍ يَجِبُ حُصُولُهُ بِالنِّصَابِ لَكَانَ النِّصَابُ عِلَّةَ الْعِلَّةِ فَثَبَتَ أَنَّ النَّمَاءَ الَّذِي يَتَرَاخَى إلَيْهِ الْحُكْمُ لَيْسَ بِعِلَّةٍ مُسْتَقِلَّةٍ، وَلَا بِعِلَّةٍ حَاصِلَةٍ بِالنِّصَابِ لَكِنَّهُ شَبِيهٌ بِالْعِلَّةِ مِنْ جِهَةِ تَرَتُّبِ الْحُكْمِ عَلَيْهِ بِمَعْنَى أَنَّ النَّمَاءَ الَّذِي هُوَ بِالْحَقِيقَةِ فَضْلٌ عَلَى الْغَنِيِّ يُوجِبُ مُوَاسَاةَ الْفَقِيرِ بِمَنْزِلَةِ أَصْلِ الْغِنَى إلَّا أَنَّهُ لَمَّا كَانَ وَصْفًا قَائِمًا بِالْمَالِ تَابِعًا لَهُ لَمْ يُجْعَلْ جُزْءَ عِلَّةٍ بَلْ جُعِلَ شَبِيهَ عِلَّةٍ تَرْجِيحًا لِلْأَصْلِ عَلَى الْوَصْفِ حَتَّى جَازَ تَعْجِيلُ الزَّكَاةِ قَبْلَ الْحَوْلِ إذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>