للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عِلَّةُ الْعِتْقِ وَقَدْ صَرَّحَ فِيهَا أَنَّهَا عِلَّةٌ تُشْبِهُ الْأَسْبَابَ لَكِنْ لَمْ يُصَرِّحْ أَنَّهَا عِلَّةٌ اسْمًا وَمَعْنًى لَا حُكْمًا وَالظَّاهِرُ أَنَّ شِرَاءَ الْقَرِيبِ لَيْسَ عِلَّةً اسْمًا وَمَعْنًى لَا حُكْمًا؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ غَيْرُ مُتَرَاخٍ عَنْهُ وَإِنَّمَا يُشَابِهُ الْأَسْبَابَ لِتَوَسُّطِ الْعِلَّةِ، وَهُوَ الْمِلْكُ وَقَدْ جَعَلَ الْإِمَامُ فَخْرُ الْإِسْلَامِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْعِلَّةَ الْمُشَابِهَةَ بِالسَّبَبِ قِسْمًا آخَرَ لَكِنِّي لَمْ أَجْعَلْ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا لَا تَخْرُجُ مِنْ الْأَقْسَامِ السَّبْعَةِ الَّتِي تَنْحَصِرُ الْعِلَّةُ فِيهَا وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إنْ لَمْ تُوجَدْ الْإِضَافَةُ، وَلَا التَّأْثِيرُ، وَلَا التَّرْتِيبُ لَا تُوجَدُ الْعِلَّةُ أَصْلًا وَإِنْ وُجِدَ أَحَدُهَا مُنْفَرِدًا يَحْصُلُ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ وَإِنْ وُجِدَ الِاجْتِمَاعُ بَيْنَ اثْنَيْنِ مِنْهَا فَثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ أُخَرَ وَإِنْ وُجِدَ الِاجْتِمَاعُ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ فَقِسْمٌ آخَرُ فَحُمِلَ سَبْعَةً.

وَقَدْ عُلِمَ مِنْ

ــ

[التلويح]

الْوَاسِطَةِ لَا غَيْرُ، فَلِهَذَا لَمْ يُصَرِّحْ فَخْرُ الْإِسْلَامِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِيهِ بِأَنَّهُ عِلَّةٌ اسْمًا وَمَعْنًى لَا حُكْمًا كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي غَيْرِهِ وَذَهَبَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إلَى أَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ بَلْ مِنْ قَبِيلِ الْعِلَّةِ اسْمًا وَمَعْنًى وَحُكْمًا لِوُجُودِ الْإِضَافَةِ وَالتَّأْثِيرِ وَالْمُقَارَنَةِ، وَلَمْ يَجْزِمْ بِذَلِكَ لِعَدَمِ تَصْرِيحِ السَّلَفِ بِهِ فَعَلَى هَذَا يَكُونُ بَيْنَ الْعِلَّةِ اسْمًا وَمَعْنًى لَا حُكْمًا وَبَيْنَ الْعِلَّةِ الَّتِي تُشْبِهُ الْأَسْبَابَ عُمُومٌ مِنْ وَجْهٍ لِصِدْقِهِمَا مَعًا فِي الْأَمْثِلَةِ السَّابِقَةِ وَصِدْقِ الْأَوَّلِ فَقَطْ فِي الْبَيْعِ الْمَوْقُوفِ وَصِدْقِ الثَّانِي فَقَطْ فِي مِثْلِ شِرَاءِ الْقَرِيبِ.

(قَوْلُهُ: وَإِمَّا مَا لَهُ شُبْهَةُ الْعِلِّيَّةِ) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ لِكَوْنِهِ عَطْفًا عَلَى قَوْلِهِ: وَإِمَّا اسْمًا وَمَعْنًى، وَهَذَا هُوَ الْعِلَّةُ مَعْنًى لِوُجُودِ التَّأْثِيرِ لِجُزْءِ الْعِلَّةِ لَا اسْمًا لِعَدَمِ الْإِضَافَةِ إلَيْهِ، وَلَا حُكْمًا لِعَدَمِ التَّرْتِيبِ عَلَيْهِ إذْ الْمُرَادُ هُوَ الْجُزْءُ الْغَيْرُ الْأَخِيرِ، أَوْ أَحَدُ الْجُزْأَيْنِ الْغَيْرِ الْمُرَتَّبَيْنِ كَالْقَدْرِ وَالْجِنْسِ، وَهُوَ عِنْدَ الْإِمَامِ السَّرَخْسِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - سَبَبٌ مَحْضٌ؛ لِأَنَّ أَحَدَ الْجُزْأَيْنِ طَرِيقٌ يُفْضِي إلَى الْمَقْصُودِ، وَلَا تَأْثِيرَ لَهُ مَا لَمْ يَنْضَمَّ إلَيْهِ الْجُزْءُ الْآخَرُ. وَذَهَبَ فَخْرُ الْإِسْلَامِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إلَى أَنَّهُ وَصْفٌ لَهُ شَبَهُ الْعِلِّيَّةِ؛ لِأَنَّهُ مُؤَثِّرٌ وَالسَّبَبُ الْمَحْضُ غَيْرُ مُؤَثِّرٍ، وَهَذَا يُخَالِفُ مَا تَقَرَّرَ عِنْدَهُمْ مِنْ أَنَّهُ لَا تَأْثِيرَ لِأَجْزَاءِ الْعِلَّةِ فِي أَجْزَاءِ الْمَعْلُولِ، وَإِنَّمَا الْمُؤَثِّرُ هُوَ تَمَامُ الْعِلَّةِ فِي تَمَامِ الْمَعْلُولِ فَعَلَى مَا ذَكَرَ هَاهُنَا لَمَّا كَانَ عِلَّةُ الرِّبَا هِيَ الْقَدْرُ مَعَ الْجِنْسِ كَانَ لِكُلٍّ مِنْ الْقَدْرِ وَالْجِنْسِ شَبَهُ الْعِلِّيَّةِ فَيَثْبُتُ بِهِ رِبَا النَّسِيئَةِ؛ لِأَنَّهُ يُوَرِّثُ شُبْهَةَ الْفَضْلِ لِمَا فِي النَّقْدِ مِنْ الْمَزِيَّةِ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُسْلِمَ حِنْطَةً فِي شَعِيرٍ، وَهَذَا بِخِلَافِ رِبَا الْفَضْلِ، فَإِنَّهُ أَقْوَى الْحُرْمَتَيْنِ، فَلَا يَثْبُتُ بِشُبْهَةِ الْعِلَّةِ بَلْ يَتَوَقَّفُ ثُبُوتُهُ عَلَى حَقِيقَةِ الْعِلَّةِ أَعْنِي الْقَدْرَ وَالْجِنْسَ كَيْفَ وَالنَّصُّ قَائِمٌ؟ وَهُوَ قَوْلُهُ: - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «إذَا اخْتَلَفَ النَّوْعَانِ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ يَدًا بِيَدٍ» .

(قَوْلُهُ: وَأَمَّا مَعْنًى وَحُكْمًا) يَعْنِي إذَا كَانَتْ الْعِلَّةُ ذَاتَ وَصْفَيْنِ مُؤَثِّرَيْنِ مُتَرَتِّبَيْنِ فِي الْوُجُودِ فَالْمُتَأَخِّرُ وُجُودًا عِلَّةً مَعْنًى وَحُكْمًا لِوُجُودِ التَّأْثِيرِ وَالِاتِّصَالِ لَا اسْمًا لِعَدَمِ الْإِضَافَةِ إلَيْهِ بِدُونِ وَاسِطَةٍ بَلْ إنَّمَا يُضَافُ إلَى الْمَجْمُوعِ وَذَلِكَ كَالْقَرَابَةِ، ثُمَّ الْمِلْكِ، فَإِنَّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا نَوْعَ تَأْثِيرٍ فِي الْعِتْقِ

<<  <  ج: ص:  >  >>