الْعِتْقُ بِالْمِلْكِ فَإِنَّهُ الْجُزْءُ الْأَخِيرُ لِلْعِلَّةِ فَيَثْبُتُ الْحُكْمُ بِهِ (حَتَّى تُصْبِحَ نِيَّةُ الْكَفَّارَةِ عِنْدَ الشِّرَاءِ) فَإِنَّ نِيَّةَ الْكَفَّارَةِ تُعْتَبَرُ عِنْدَ الْإِعْتَاقِ فَتُعْتَبَرُ النِّيَّةُ عِنْدَ الشِّرَاءِ (وَيَضْمَنُ إذَا كَانَ شَرِيكًا عِنْدَهُمَا) أَيْ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ، وَلَا يَضْمَنُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -.
وَالْخِلَافُ فِيمَا إذَا اشْتَرَيَاهُ مَعًا أَمَّا إذَا اشْتَرَى الْأَجْنَبِيُّ نِصْفَهُ، ثُمَّ الْقَرِيبُ يَضْمَنُ بِالِاتِّفَاقِ وَالْفَرْقُ لِأَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ فِي الْأَوَّلِ رَضِيَ الْأَجْنَبِيُّ بِفَسَادِ نَصِيبِهِ حَيْثُ اشْتَرَكَ مَعَ الْقَرِيبِ، وَلَا يُعْتَبَرُ جَهْلُهُ وَفِي الثَّانِي لَمْ يَرْضَ.
(وَأَنَّ تَأَخُّرَ الْقَرَابَةِ يَثْبُتُ بِهَا) أَيْ يَثْبُتُ الْعِتْقُ بِالْقَرَابَةِ حَتَّى يَضْمَنَ مُدَّعِي الْقَرَابَةِ، وَلَوْ كَانَتْ الْقَرَابَةُ مَعْلُومَةً لَمْ يَضْمَنْ.
(كَمَا إذَا وَرِثَا عَبْدًا، ثُمَّ ادَّعَى أَحَدُهُمَا أَنَّهُ قَرِيبُهُ بِخِلَافِ الشَّهَادَةِ) أَيْ إذَا شَهِدَ وَاحِدٌ، ثُمَّ وَاحِدٌ لَا يُضَافُ الْحُكْمُ إلَى الشَّهَادَةِ الْأَخِيرَةِ بَلْ إلَى الْمَجْمُوعِ فَأَيُّهُمَا رَجَعَ يَضْمَنُ النِّصْفَ (فَإِنَّ الْحُكْمَ يَثْبُتُ بِالْمَجْمُوعِ؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا تَعْمَلُ بِالْقَضَاءِ، وَهُوَ يَقَعُ بِهِمَا وَإِمَّا اسْمًا وَحُكْمًا لَا مَعْنًى وَهِيَ إمَّا بِإِقَامَةِ السَّبَبِ الدَّاعِي مَقَامَ الْمَدْعُوِّ إلَيْهِ كَالسَّفَرِ وَالْمَرَضِ) فَإِنَّهُمَا أُقِيمَا مَقَامَ الْمَشَقَّةِ (وَالنَّوْمُ) أُقِيمَ مَقَامَ اسْتِرْخَاءِ الْمَفَاصِلِ (وَالْمَسُّ وَالنِّكَاحُ مَقَامَ الْوَطْءِ) أَيْ الْمَسُّ وَالنِّكَاحُ يَقُومَانِ مَقَامَ الْوَطْءِ فِي ثُبُوتِ النَّسَبِ وَحُرْمَةِ الْمُصَاهَرَةِ، أَمَّا فِي الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ فَلَمْ يَذْكُرْ فِي الْمَتْنِ الْمَدْعُوَّ إلَيْهِ
ــ
[التلويح]
الرِّضَا فِي صُورَةِ الْجَهْلِ بِالْقَرَابَةِ كَيْفَ، وَهُوَ لَا يُتَصَوَّرُ إلَّا مَعَ الْعِلْمِ بِهَا؟
أُجِيبَ بِأَنَّ الرِّضَا أَمْرٌ بَاطِنٌ فَأُدِيرَ الْحُكْمُ مَعَ السَّبَبِ الظَّاهِرِ الَّذِي هُوَ الِاشْتِرَاكُ وَمُبَاشَرَةُ الشِّرَاءِ وَأَيْضًا لَمَّا لَمْ يُعْتَبَرْ جَهْلُهُ وَجُعِلَ فِي حُكْمِ الْعَدَمِ صَارَ كَأَنَّ الْعِلْمَ حَاصِلٌ. وَفِي قَوْلِهِ: وَلَا يُعْتَبَرُ جَهْلُهُ إشَارَةٌ إلَى هَذَا.
(قَوْلُهُ: حَتَّى يَضْمَنَ مُدَّعِي الْقَرَابَةِ) يَعْنِي إذَا اشْتَرَى اثْنَانِ عَبْدًا مَجْهُولَ النَّسَبِ، ثُمَّ ادَّعَى أَحَدُهُمَا أَنَّهُ ابْنُهُ غَرِمَ لِشَرِيكِهِ قِيمَةَ نَصِيبِهِ؛ لِأَنَّ الْجُزْءَ الْأَخِيرَ مِنْ الْعِلَّةِ أَعْنِي الْقَرَابَةَ قَدْ حَصَلَ بِصُنْعِهِ فَيَكُونُ هُوَ الْعِلَّةَ، وَلَوْ كَانَتْ الْقَرَابَةُ مَعْلُومَةً قَبْلَ الشِّرَاءِ لَمْ يَضْمَنْ مُدَّعِي الْقَرَابَةِ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَحْصُلْ بِصُنْعِهِ، وَقَدْ رَضِيَ الْأَجْنَبِيُّ بِفَسَادِ نَصِيبِهِ فَقَوْلُهُ: لَمْ يَضْمَنْ. قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَيُخَصُّ بِصُورَةِ الشِّرَاءِ مَعًا حَتَّى لَوْ اشْتَرَى الْأَجْنَبِيُّ، أَوَّلًا ضَمِنَ الْقَرِيبُ حِصَّتَهُ لِعَدَمِ الرِّضَا، وَأَمَّا إذَا وَرِثَا عَبْدًا مَجْهُولَ النَّسَبِ فَادَّعَى أَحَدُهُمَا أَنَّهُ قَرِيبُهُ يَضْمَنُ الْمُدَّعِي؛ لِأَنَّ الْقَرَابَةَ بِصُنْعِهِ، فَلَوْ كَانَتْ الْقَرَابَةُ مَعْلُومَةً لَمْ يَضْمَنْ بِالِاتِّفَاقِ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ بِالْإِرْثِ لَيْسَ مِنْ صُنْعِهِ.
(قَوْلُهُ: أَوْ بِإِقَامَةِ الدَّلِيلِ) السَّبَبُ الدَّاعِي هُوَ الَّذِي يُفْضِي إلَى الشَّيْءِ فِي الْوُجُودِ فَلَا بُدَّ مَنْ أَنْ يَتَقَدَّمَهُ وَالدَّلِيلُ هُوَ الَّذِي يَحْصُلُ مِنْ الْعِلْمِ بِهِ الْعِلْمُ بِذَلِكَ الشَّيْءِ فَرُبَّمَا يَكُونُ مُتَأَخِّرًا فِي الْوُجُودِ كَالْإِخْبَارِ عَنْ الْمَحَبَّةِ وَيَقْتَصِرُ عَلَى الْمَجْلِسِ؛ لِأَنَّ تَعْلِيقَ الطَّلَاقِ بِمَا لَا يُطَّلَعُ عَلَيْهِ إلَّا بِإِخْبَارِهَا بِمَنْزِلَةِ تَخَيُّرِهَا، وَهُوَ مُقْتَصِرٌ عَلَى الْمَجْلِسِ.
(قَوْلُهُ: وَالطُّهْرُ مَقَامُ الْحَاجَةِ) يَعْنِي أَنَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute