للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِلظُّهُورِ (أَوْ بِإِقَامَةِ الدَّلِيلِ مَقَامَ الْمَدْلُولِ كَالْخَبَرِ عَنْ الْمَحَبَّةِ أُقِيمَ مَقَامَهَا فِي قَوْلِهِ: إنْ أَحْبَبْتنِي فَأَنْتَ كَذَا وَالطُّهْرُ مَقَامَ الْحَاجَةِ فِي إبَاحَةِ الطَّلَاقِ وَاسْتِحْدَاثُ الْمِلْكِ مَقَامَ الشُّغْلِ فِي الِاسْتِبْرَاءِ وَالدَّاعِي إلَى ذَلِكَ) أَيْ السَّبَبِ الْمُقْتَضِي لِإِقَامَةِ الدَّاعِي مَقَامَ الْمَدْعُوِّ إلَيْهِ وَالدَّلِيلِ مَقَامَ الْمَدْلُولِ أَحَدُ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْمَتْنِ.

(إمَّا دَفْعُ الضَّرُورَةِ كَمَا فِي إنْ أَحْبَبْتنِي وَكَمَا فِي الِاسْتِبْرَاءِ، وَإِمَّا الِاحْتِيَاطُ كَمَا فِي تَحْرِيمِ الدَّوَاعِي فِي الْمُحَرَّمَاتِ وَالْعِبَادَاتِ، وَإِمَّا دَفْعُ الْحَرَجِ كَالسَّفَرِ وَالطُّهْرِ وَالْتِقَاءِ الْخِتَانَيْنِ) وَالْفَرْقُ بَيْنَ دَفْعِ الْحَرَجِ وَدَفْعِ الضَّرُورَةِ أَنَّ فِي دَفْعِ الضَّرُورَةِ لَا يُمْكِنُ الْوُقُوفُ عَلَى ذَلِكَ الشَّيْءِ كَالْمَحَبَّةِ فَإِنَّ وُقُوفَ الْغَيْرِ عَلَيْهَا مُحَالٌ فَالضَّرُورَةُ دَاعِيَةٌ إلَى إقَامَةِ الْخَبَرِ عَنْ الْمَحَبَّةِ مَقَامَ الْمَحَبَّةِ. أَمَّا الْمَشَقَّةُ فِي السَّفَرِ وَالْإِنْزَالُ فِي الْتِقَاءِ الْخِتَانَيْنِ فَإِنَّ الْوُقُوفَ عَلَيْهِمَا مُمْكِنٌ لَكِنْ فِي إضَافَةِ الْحُكْمِ إلَيْهِمَا حَرَجٌ لِخَفَائِهِمَا

ــ

[التلويح]

الطَّلَاقَ أَمْرٌ مَحْظُورٌ لِمَا فِيهِ مِنْ قَطْعِ النِّكَاحِ الْمَسْنُونِ إلَّا أَنَّهُ شُرِعَ ضَرُورَةَ أَنَّهُ قَدْ يُحْتَاجُ إلَيْهِ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ إقَامَةِ حُقُوقِ النِّكَاحِ وَالْحَاجَةُ أَمْرٌ بَاطِنٌ لَا يُوقَفُ عَلَيْهِ فَأُقِيمَ دَلِيلُهَا، وَهُوَ زَمَانٌ تَتَجَدَّدُ فِيهِ الرَّغْبَةُ أَعْنِي الطُّهْرَ الْخَالِيَ عَنْ الْجِمَاعِ مَقَامَ الْحَاجَةِ تَيْسِيرًا، وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ دَلِيلَ الْحَاجَةِ هُوَ الْإِقْدَامُ عَلَى الطَّلَاقِ فِي الطُّهْرِ لَا الطُّهْرُ نَفْسُهُ.

(قَوْلُهُ: وَاسْتِحْدَاثُ الْمِلْكِ) يَعْنِي أَنَّ الْمُؤَثِّرَ فِي وُجُوبِ الِاسْتِبْرَاءِ، وَهُوَ الِاحْتِرَازُ عَنْ الْوَطْءِ وَدَوَاعِيهِ فِي الْأَمَةِ عِنْدَ حُدُوثِ الْمِلْكِ فِيهَا إلَى انْقِضَاءِ حَيْضَةٍ، أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهَا هُوَ كَوْنُ الرَّحِمِ مَشْغُولًا بِمَاءِ الْغَيْرِ احْتِرَازًا عَنْ خَلْطِ الْمَاءِ بِالْمَاءِ وَسَقْيِ الْمَاءِ زَرْعَ الْغَيْرِ إلَّا أَنَّهُ أَمْرٌ خَفِيٌّ فَأُقِيمَ دَلِيلُهُ، وَهُوَ اسْتِحْدَاثُ مِلْكِ الْوَاطِئِ بِمِلْكِ الْيَمِينِ مَقَامَهُ، فَإِنَّ الِاسْتِحْدَاثَ يَدُلُّ عَلَى مِلْكِ مَنْ اُسْتُحْدِثَ مِنْهُ وَتُلُقِّيَ مِنْ جِهَتِهِ وَمِلْكُهُ يُمَكِّنُهُ مِنْ الْوَطْءِ الْمُؤَدِّي إلَى الشُّغْلِ فَالِاسْتِحْدَاثُ يَدُلُّ بِهَذِهِ الْوَاسِطَةِ عَلَى الشُّغْلِ الَّذِي هُوَ عِلَّةُ الِاسْتِبْرَاءِ.

وَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إلَى أَنَّهُ مِنْ إقَامَةِ السَّبَبِ إذْ الشُّغْلُ إنَّمَا هُوَ بِالْوَطْءِ وَالْمِلْكُ مُمَكِّنٌ مِنْهُ مُؤَدٍّ إلَيْهِ وَدَاعٍ. وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الشُّغْلَ إنَّمَا هُوَ بِوَطْءِ الْبَائِعِ وَالْمِلْكُ مُمَكِّنٌ مِنْ وَطْءِ الْمُشْتَرِي وَالْأَظْهَرُ مَا فِي التَّقْوِيمِ أَنَّ عِلَّةَ الِاسْتِبْرَاءِ صِيَانَةُ الْمَاءِ عَنْ الِاخْتِلَاطِ بِمَاءٍ قَدْ وُجِدَ وَاسْتِحْدَاثُ مِلْكِ الْوَاطِئِ بِمِلْكِ الْيَمِينِ سَبَبٌ مُؤَدٍّ إلَيْهِ، فَإِنَّ هَذَا الِاسْتِحْدَاثَ يَصِحُّ مِنْ غَيْرِ اسْتِبْرَاءٍ يَلْزَمُ مِنْ الْبَائِعِ، وَمِنْ غَيْرِ ظُهُورِ بَرَاءَةِ رَحِمِهَا عَنْ مَائِهِ، فَلَوْ أَبَحْنَا الْوَطْءَ لِلثَّانِي بِنَفْسِ الْمِلْكِ لَأَدَّى إلَى الْخَلْطِ فَكَانَ الْإِطْلَاقُ بِنَفْسِ الْمِلْكِ سَبَبًا مُؤَدِّيًا إلَيْهِ فَظَهَرَ أَنَّهُ دَلِيلٌ بِاعْتِبَارِ سَبَبٍ وَلِهَذَا سَمَّاهُ الْإِمَامُ السَّرَخْسِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - السَّبَبَ الظَّاهِرَ وَالدَّلِيلَ عَلَى الْعِلَّةِ.

(قَوْلُهُ: كَمَا فِي تَحْرِيمِ الدَّوَاعِي) أَيْ دَوَاعِي الْجِمَاعِ مِنْ الْمَسِّ وَالتَّقْبِيلِ وَالنَّظَرِ بِشَهْوَةٍ حَيْثُ أُقِيمَتْ مَقَامَ الزِّنَا فِي الْحُرْمَةِ عَلَى الْإِطْلَاقِ إذَا كَانَتْ مَعَ

<<  <  ج: ص:  >  >>