للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْوَلَدِ أَجْنَبِيٌّ (قَالَ لِآخَرَ تَزَوَّجْ هَذِهِ الْمَرْأَةَ فَإِنَّهَا حُرَّةٌ فَفَعَلَ وَاسْتَوْلَدَهَا، فَإِذَا هِيَ أَمَةٌ لَا يَضْمَنُ قِيمَةَ الْوَلَدِ) (بِخِلَافِ مَا إذَا زَوَّجَهَا الْوَكِيلُ، أَوْ الْوَلِيُّ عَلَى هَذَا الشَّرْطِ. وَلَا يَلْزَمُ أَنَّ الْمُودَعَ، أَوْ الْمُحْرِمَ إذَا دَلَّا عَلَى الْوَدِيعَةِ وَالصَّيْدِ يَضْمَنَانِ مَعَ أَنَّهُمَا سَبَبَانِ؛ لِأَنَّ الْمُودَعَ إنَّمَا يَضْمَنُ بِتَرْكِ الْحِفْظِ الَّذِي الْتَزَمَ وَالْمُحْرِمُ بِإِزَالَةِ الْأَمْنِ إذَا تَقَرَّرَتْ بِإِفْضَائِهَا إلَى الْقَتْلِ)

أَيْ إذَا تَقَرَّرَتْ إزَالَةُ الْأَمْنِ وَإِنَّمَا قَالَ هَذِهِ لِأَنَّهُ لَمَّا قَالَ إنَّ الْمُحْرِمَ إنَّمَا يَضْمَنُ بِإِزَالَةِ الْأَمْنِ.

وَرُدَّ عَلَيْهِ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَضْمَنَ بِمُجَرَّدِ الدَّلَالَةِ؛ لِأَنَّهُ حَصَلَ إزَالَةُ الْأَمْنِ بِمُجَرَّدِ الدَّلَالَةِ فَقَالَ إنَّمَا يَضْمَنُ بِإِزَالَةِ الْأَمْنِ إذَا تَقَرَّرَتْ بِكَوْنِهَا مُفْضِيَةً إلَى الْقَتْلِ إذْ قِيلَ: الْإِفْضَاءُ لَمْ يَصِرْ سَبَبًا لِلْهَلَاكِ، فَلَا يَضْمَنُ، ثُمَّ أَقَامَ الدَّلِيلَ عَلَى أَنَّ إزَالَةَ الْأَمْنِ سَبَبٌ لِلضَّمَانِ بِقَوْلِهِ: (فَإِنَّ الصَّيْدَ مَحْفُوظٌ بِالْبُعْدِ عَنْ النَّاسِ بِخِلَافِ مَالِ الْمُسْلِمِ) أَيْ إذْ دَلَّ رَجُلٌ سَارِقًا عَلَى مَالِ مُسْلِمٍ لَا يَضْمَنُ فَإِنَّ كَوْنَهُ مَحْفُوظًا لَيْسَ لِأَجْلِ الْبُعْدِ عَنْ أَيْدِي النَّاسِ فَدَلَالَتُهُ لَا تَكُونُ إزَالَةَ الْأَمْنِ.

(وَصَيْدِ الْحَرَمِ)

ــ

[التلويح]

مُجَرَّدُ كَوْنِ الْعِلَّةِ فِعْلًا اخْتِيَارِيًّا كَمَا فِي مَسْأَلَةِ الشَّهَادَةِ بِالْقِصَاصِ. وَقَوْلُهُ: فِي بَعْضِ نُسَخِ الشَّرْحِ فَالسَّبَبُ سَبَبٌ حَقِيقِيٌّ لَمْ يَقَعْ مَوْقِعَهُ عَلَى مَا لَا يَخْفَى.

(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا إذَا زَوَّجَهَا) يَعْنِي لَوْ زَوَّجَ الْمَرْأَةَ وَكِيلُهَا، أَوْ وَلِيُّهَا عَلَى شَرْطِ أَنَّهَا حُرَّةٌ، فَإِذَا هِيَ أَمَةٌ يَضْمَنُ الْوَكِيلُ، أَوْ الْوَلِيُّ لِلْمُتَزَوِّجِ قِيمَةَ الْوَلَدِ؛ لِأَنَّ التَّزْوِيجَ مَوْضُوعٌ لِلِاسْتِيلَادِ وَطَلَبِ النَّسْلِ فَيَكُونُ الْمُزَوِّجُ صَاحِبَ الْعِلَّةِ وَأَيْضًا الِاسْتِيلَادُ مَبْنِيٌّ عَلَى التَّزْوِيجِ الْمَشْرُوطِ بِالْحُرِّيَّةِ وَصْفًا لَازِمًا لَهُ فَيَصِيرُ وَصْفُ الْحُرِّيَّةِ بِمَنْزِلَةِ الْعِلَّةِ كَالتَّزْوِيجِ فَيَكُونُ الشَّارِطُ صَاحِبَ عِلَّةٍ.

(قَوْلُهُ: إزَالَةُ الْأَمْنِ سَبَبٌ لِلضَّمَانِ) أَيْ إزَالَةُ الْمُحْرِمِ إلَّا مِنْ الْمُلْتَزِمِ بِعَقْدِ الْإِحْرَامِ إذَا تَقَرَّرَتْ حَالَ كَوْنِهِ مُحْرِمًا عِلَّةٌ لِلضَّمَانِ وَمُوجِبَةٌ، فَلَوْ لَمْ يَكُنْ الدَّالُّ مُحْرِمًا حِينَ قَتَلَ الْمَدْلُولُ الصَّيْدَ لَمْ يَجِبْ الضَّمَانُ وَحَقِيقَةُ الدَّلَالَةِ الْإِعْلَامُ أَيْ إحْدَاثُ الْعِلْمِ فِي الْغَيْرِ فَيَجِبُ أَنْ لَا يَكُونَ الْمَدْلُولُ عَالِمًا بِمَكَانِ الصَّيْدِ وَأَنْ لَا يَكْذِبَ الدَّالُّ فِي ذَلِكَ.

(قَوْلُهُ: وَصَيْدِ الْحَرَمِ) أَيْ بِخِلَافِ صَيْدِ الْحَرَمِ إذَا دَلَّ عَلَيْهِ غَيْرُ الْمُحْرِمِ رَجُلًا فَقَتَلَهُ، فَإِنَّ الدَّالَّ لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ دَلَالَتَهُ سَبَبٌ مَحْضٌ؛ لِأَنَّ كَوْنَ صَيْدِ الْحَرَمِ مَحْفُوظًا لَيْسَ بِالْبُعْدِ عَنْ النَّاسِ حَتَّى تَكُونَ الدَّلَالَةُ عَلَيْهِ إزَالَةً لِلْأَمْنِ وَمُوجِبَةً لِلضَّمَانِ بَلْ هُوَ مَحْفُوظٌ بِكَوْنِهِ صَيْدَ الْحَرَمِ الَّذِي جَعَلَهُ اللَّهُ تَعَالَى آمِنًا لِيَبْقَى مُدَّةَ بَقَاءِ الدُّنْيَا فَتَعَرُّضُ الصَّيْدِ فِيهِ بِمَنْزِلَةِ إتْلَافِ الْأَمْوَالِ الْمَمْلُوكَةِ وَالْمَوْقُوفَةِ وَلِهَذَا يَكُونُ ضَمَانُهُ ضَمَانَ الْمَحَلِّ حَتَّى لَا يَتَعَدَّدَ بِتَعَدُّدِ الْجَانِي بِخِلَافِ الضَّمَانِ الْوَاجِبِ بِالْإِحْرَامِ، فَلَوْ دَلَّ الْمُحْرِمُ عَلَى صَيْدِ الْحَرَمِ كَانَ الضَّمَانُ بِالْجِنَايَةِ عَلَى الْإِحْرَامِ لَا بِإِزَالَةِ الْأَمْنِ.

فَإِنْ قُلْت: السِّعَايَةُ إلَى السُّلْطَانِ الظَّالِمِ سَبَبٌ مَحْضٌ، وَقَدْ وَجَبَ الضَّمَانُ عَلَى السَّاعِي.

قُلْت: مَسْأَلَةٌ اجْتِهَادِيَّةٌ أَفْتَوْا فِيهَا بِغَيْرِ الْقِيَاسِ اسْتِحْسَانًا لِغَلَبَةِ السِّعَايَةِ.

(قَوْلُهُ: فَوَجَأَ بِهِ) هُوَ

<<  <  ج: ص:  >  >>