نَامٍ وَالنَّمَاءُ بِالزَّمَانِ فَأُقِيمَ الْحَوْلُ مَقَامَ النَّمَاءِ فَيَتَجَدَّدُ الْمَالُ تَقْدِيرًا بِتَجَدُّدِ الْحَوْلِ فَيَتَكَرَّرُ الْوُجُوبُ بِتَكَرُّرِ الْمَالِ تَقْدِيرًا. وَلِلصَّوْمِ أَيَّامُ شَهْرِ رَمَضَانَ كُلُّ يَوْمٍ لِصَوْمِهِ وَلِصَدَقَةِ الْفِطْرِ رَأْسٌ يُمَوِّنُهُ وَيَلِي عَلَيْهِ وَإِنَّمَا الْفِطْرُ شَرْطٌ لِقَوْلِهِ: - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «أَدُّوا عَمَّنْ تَمُونُونَ» وَعَنْ " إمَّا لِانْتِزَاعِ الْحُكْمِ عَنْ السَّبَبِ، أَوْ لَأَنْ يَجِبَ عَلَيْهِ فَيُؤَدِّيَ عَنْهُ كَمَا فِي الْعَاقِلَةِ وَالثَّانِي بَاطِلٌ لِعَدَمِ الْوُجُوبِ عَلَى الْعَبْدِ وَالصَّبِيِّ وَالْفَقِيرِ وَالْكَافِرِ فَيَثْبُتُ الْأَوَّلُ وَأَيْضًا يَتَضَاعَفُ الْوَاجِبُ بِتَضَاعُفِ الرَّأْسِ وَالْإِضَافَةُ إلَى الْفِطْرِ تُعَارِضُهَا الْإِضَافَةُ إلَى الرَّأْسِ وَهِيَ تَحْتَمِلُ الِاسْتِعَارَةَ أَيْضًا بِخِلَافِ تَضَاعُفِ الْوُجُوبِ) .
هَذَا جَوَابُ إشْكَالٍ، وَهُوَ أَنَّ الْإِضَافَةَ آيَةُ السَّبَبِيَّةِ وَالصَّدَقَةُ تُضَافُ إلَى الْفِطْرِ فَيَدُلُّ عَلَى سَبَبِيَّةِ الْفِطْرِ فَأَجَابَ بِأَنَّ الصَّدَقَةَ تُضَافُ إلَى
ــ
[التلويح]
مَا فَسَّرْتُمْ لَمَا كَانَ الْقَائِلُونَ بِقِدَمِ الْعَالَمِ بِالزَّمَانِ وَحُدُوثِهِ بِالذَّاتِ بِمَعْنَى الْمَسْبُوقِيَّةِ بِالْغَيْرِ وَالِاحْتِيَاجِ إلَيْهِ قَائِلِينَ بِوُجُوبِ الْإِيمَانِ بِاَللَّهِ تَعَالَى؛ لِأَنَّا نَقُولُ مِنْ جُمْلَةِ الْإِيمَانِ بِاَللَّهِ الْإِيمَانُ بِأَنَّهُ صَانِعُ الْعَالَمِ بِإِرَادَتِهِ وَاخْتِيَارِهِ وَأَثَرُ الْمُخْتَارِ لَا يَكُونُ إلَّا حَادِثًا وَهُمْ يَنْفُونَ ذَلِكَ، وَلَوْ سَلِمَ فَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ السَّبَبَ بِالنَّظَرِ إلَى كُلِّ وَاحِدٍ هُوَ حُدُوثُ الْعَالَمِ فَقَطْ بَلْ مَرَاتِبُ النَّاسِ فِي ذَلِكَ مُتَفَاوِتَةٌ عَلَى مَا يُشِيرُ إلَيْهِ قَوْله تَعَالَى: {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ} [فصلت: ٥٣] الْآيَةَ إلَّا أَنَّ الِاسْتِدْلَالَ بِالْآفَاقِ وَالْأَنْفُسِ هُوَ أَشَدُّ الْمَرَاتِبِ وُضُوحًا وَأَكْثَرُهَا وُقُوعًا وَأَثْبَتُهَا دَوَامًا إذْ كُلُّ أَحَدٍ يُشَاهِدُ نَفْسَهُ وَالسَّمَاوَاتِ وَالْأَرَضِينَ فَكَانَ مُلَازِمًا لِكُلِّ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْإِيمَانِ فَلِذَا صَحَّ إيمَانُ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ لِتَحَقُّقِ سَبَبِهِ، وَهُوَ الْآفَاقُ وَالْأَنْفُسُ وَوُجُودُ رُكْنِهِ، وَهُوَ التَّصْدِيقُ وَالْإِفْرَادُ الصَّادِرُ عَنْ النَّظَرِ وَالتَّأَمُّلِ إذْ الْكَلَامُ فِي الصَّبِيِّ الْعَاقِلِ، وَهُوَ أَهْلٌ لِذَلِكَ بِدَلِيلِ أَنَّ الْإِيمَانَ قَدْ يَتَحَقَّقُ فِي حَقِّهِ تَبَعًا لِلْأَبَوَيْنِ، فَلَوْ امْتَنَعَ صِحَّتُهُ لَمْ يَكُنْ إلَّا بِحُجَجٍ شَرْعِيَّةٍ وَذَلِكَ فِي الْإِيمَانِ مُحَالٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يَحْتَمِلُ عَدَمَ الْمَشْرُوعِيَّةِ أَصْلًا نَعَمْ هُوَ غَيْرُ مُخَاطَبٍ بِإِيمَانٍ لِعَدَمِ التَّكْلِيفِ الْمُعْتَبَرِ فِي الْخِطَابِ فَسَقَطَ عَنْهُ الْأَدَاءُ الَّذِي يَحْتَمِلُ السُّقُوطَ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ كَمَا إذَا أَرَادَ الْكَافِرُ أَنْ يُؤْمِنَ فَأُكْرِهَ عَلَى السُّكُوتِ عَنْ كَلِمَةِ الْإِسْلَامِ قَالَ أَبُو الْيُسْرِ وُجُوبُ الْأَدَاءِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْعَقْلِ الْكَامِلِ عِنْدَ بَعْضِهِمْ وَعَلَى الْخِطَابِ عِنْدَ عَامَّةِ الْمَشَايِخِ فَالصَّبِيُّ إذَا بَلَغَ فِي شَاهِقِ الْجَبَلِ، وَلَمْ تَبْلُغْهُ الدَّعْوَةُ فَمَاتَ، وَلَمْ يُسْلِمْ كَانَ مَعْذُورًا عِنْدَ عَامَّةِ الْمَشَايِخِ إذْ وُجُوبُ الْأَدَاءِ بِالْخِطَابِ، وَلَمْ يَبْلُغْهُ، وَعِنْدَ الْآخَرِينَ لَا يَكُونُ مَعْذُورًا؛ لِأَنَّ وُجُوبَ الْأَدَاءِ إنَّمَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْخِطَابُ إذَا كَانَ فِي حُكْمٍ يَحْتَمِلُ النَّسْخَ وَالرَّفْعَ وَالْإِيمَانُ لَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ إنَّمَا يُبْتَنَى صِحَّةُ الْأَدَاءِ عَلَى كَوْنِهِ مَشْرُوعًا فِي حَقِّ الْمُؤَدِّي كَمَا فِي جُمُعَةِ الْمُسَافِرِ.
(قَوْلُهُ: لِلصَّلَاةِ) أَيْ سَبَبُ الْوُجُوبِ لِلصَّلَاةِ هُوَ الْوَقْتُ عَلَى مَا مَرَّ تَحْقِيقُ ذَلِكَ فِي الْفَصْلِ الْمَعْقُودِ لِبَيَانِ أَنَّ الْمَأْمُورَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute