الرَّأْسِ أَيْضًا، فَإِذَا تَعَارَضَا تَسَاقَطَا. وَنَحْنُ نَتَمَسَّكُ عَلَى سَبَبِيَّةِ الرَّأْسِ بِالتَّضَاعُفِ فَهَذَا الدَّلِيلُ أَقْوَى مِنْ الْإِضَافَةِ لِأَنَّ الْحُكْمَ قَدْ يُضَافُ إلَى غَيْرِ السَّبَبِ مَجَازًا، وَهَذَا الْمَجَازُ لَا يَجْرِي فِي التَّضَاعُفِ (وَأَيْضًا وَصْفُ الْمُؤْنَةِ) أَيْ فِي قَوْلِهِ: - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «أَدُّوا عَمَّنْ تَمُونُونَ» (يُرَجِّحُ سَبَبِيَّةَ الرَّأْسِ. وَلِلْحَجِّ الْبَيْتُ، وَأَمَّا الْوَقْتُ وَالِاسْتِطَاعَةُ فَشَرْطٌ. وَلِلْعُشْرِ الْأَرْضُ النَّامِيَةُ بِحَقِيقَةِ الْخَارِجِ وَبِهَذَا الِاعْتِبَارِ هُوَ مُؤْنَةُ الْأَرْضِ وَبِاعْتِبَارِ الْخَارِجِ، وَهُوَ تَبَعُ الْأَرْضِ) . قَوْلُهُ: " وَهُوَ تَبَعُ " حَالٌ مِنْ الْخَارِجِ. (عِبَادَةٌ) أَيْ الْعُشْرُ عِبَادَةٌ؛ لِأَنَّ الْعُشْرَ جُزْءٌ مِنْ الْخَارِجِ فَأَشْبَهَ الزَّكَاةَ فَإِنَّهَا جُزْءٌ مِنْ النِّصَابِ.
(وَكَذَا الْخَرَاجُ) أَيْ سَبَبِيَّةُ الْأَرْضِ النَّامِيَةِ. (إلَّا أَنَّ النَّمَاءَ يُعْتَبَرُ فِيهِ تَقْدِيرًا بِالتَّمَكُّنِ مِنْ الزِّرَاعَةِ فَصَارَ مُؤْنَةً بِاعْتِبَارِ الْأَصْلِ) ، وَهُوَ الْأَرْضُ (عُقُوبَةً بِاعْتِبَارِ
ــ
[التلويح]
بِهِ نَوْعَانِ مُطْلَقٌ وَمُؤَقَّتٌ.
(قَوْلُهُ: وَلِلزَّكَاةِ) أَيْ سَبَبُ الْوُجُوبِ لِلزَّكَاةِ مِلْكُ الْمَالِ الَّذِي هُوَ نِصَابُ وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي ذَلِكَ الْمَالِ لِإِضَافَتِهَا إلَيْهِ. مِثْلُ قَوْلِهِ: - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «هَاتُوا رُبُعَ عُشْرِ أَمْوَالِكُمْ» وَلِتَضَاعُفِ الْوُجُوبِ بِتَضَاعُفِ النِّصَابِ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ وَاعْتَبَرَ الْغَنِيَّ؛ لِأَنَّهُ «لَا صَدَقَةَ إلَّا عَنْ ظَهْرِ غِنًى» وَأَحْوَالُ النَّاسِ فِي الْغِنَى مُخْتَلِفَةٌ فَقَدَّرَهُ الشَّارِعُ بِالنِّصَابِ إلَّا أَنَّ تَكَامُلَ الْغِنَى يَكُونُ بِالنَّمَاءِ لِيُصْرَفَ إلَى الْحَاجَةِ الْمُتَجَدِّدَةِ فَيَبْقَى أَصْلُ الْمَالِ فَيَحْصُلُ الْغِنَى وَيَتَيَسَّرُ الْأَدَاءُ فَصَارَ النَّمَاءُ شَرْطًا لِوُجُوبِ الْأَدَاءِ تَحْقِيقًا لِلْغِنَى وَالْيُسْرِ إلَّا أَنَّ النَّمَاءَ أَمْرٌ بَاطِنٌ فَأُقِيمَ مَقَامَهُ السَّبَبُ الْمُؤَدِّي إلَيْهِ، وَهُوَ الْحَوْلُ الْمُسْتَجْمِعُ لِلْفُصُولِ الْأَرْبَعَةِ الَّتِي لَهَا تَأْثِيرٌ فِي النَّمَاءِ بِالدَّرِّ وَالنَّسْلِ وَبِزِيَادَةِ الْقِيمَةِ بِتَفَاوُتِ الرَّغَبَاتِ فِي كُلِّ فَصْلٍ إلَى مَا يُنَاسِبُهُ فَصَارَ الْحَوْلُ شَرْطًا، وَتَجَدُّدُهُ تَجَدُّدٌ لِلنَّمَاءِ وَتَجَدُّدُ النَّمَاءِ تَجَدُّدٌ لِلْمَالِ الَّذِي هُوَ السَّبَبُ؛ لِأَنَّ السَّبَبَ هُوَ الْمَالُ بِوَصْفِ النَّمَاءِ وَالْمَالُ بِهَذَا النَّمَاءِ غَيْرُهُ بِذَلِكَ (٧) النَّمَاءِ فَيَكُونُ تَكَرُّرُ الْوُجُوبِ بِتَكَرُّرِ الْحَوْلِ وَتَكَرُّرُ الْحُكْمِ بِتَكَرُّرِ السَّبَبِ لَا بِتَكَرُّرِ الشَّرْطِ.
(قَوْلُهُ: وَلِلصَّوْمِ) اتَّفَقَ الْمُتَأَخِّرُونَ عَلَى أَنَّ سَبَبَ وُجُوبِ صَوْمِ رَمَضَان هُوَ الشَّهْرُ؛ لِأَنَّهُ يُضَافُ إلَيْهِ وَيَتَكَرَّرُ بِتَكَرُّرِهِ إلَّا أَنَّ الْإِمَامَ السَّرَخْسِيَّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - ذَهَبَ إلَى أَنَّ السَّبَبَ هُوَ مُطْلَقُ شُهُودِ الشَّهْرِ أَعْنِي الْأَيَّامَ بِلَيَالِيِهَا؛ لِأَنَّ الشَّهْرَ اسْمٌ لِلْمَجْمُوعِ وَسَبَبِيَّتُهُ بِاعْتِبَارِ إظْهَارِ شَرَفِ الْوَقْتِ وَذَلِكَ فِي الْأَيَّامِ وَاللَّيَالِي جَمِيعًا وَلِهَذَا لَزِمَ الْقَضَاءُ عَلَى مَنْ كَانَ أَهْلًا فِي اللَّيْلِ، ثُمَّ جُنَّ وَأَفَاقَ بَعْدَ مُضِيِّ الشَّهْرِ وَلِهَذَا صَحَّ نِيَّةُ الْأَدَاءِ بَعْدَ تَحَقُّقِ جُزْءٍ مِنْ اللَّيْلِ، وَلَمْ يَصِحَّ قَبْلَهُ وَلَيْسَ مِنْ حُكْمِ السَّبَبِ جَوَازُ الْأَدَاءِ فِيهِ بَلْ فِي وَقْتِ الْوَاجِبِ وَوَقْتُ الصَّوْمِ هُوَ النَّهَارُ لَا غَيْرُ وَذَهَبَ الْأَكْثَرُونَ، وَهُوَ الْمُخْتَارُ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إلَى أَنَّ كُلَّ يَوْمٍ سَبَبٌ لِصَوْمِهِ بِمَعْنَى أَنَّ الْجُزْءَ الْأَوَّلَ الَّذِي لَا يَتَجَزَّأُ مِنْ الْيَوْمِ سَبَبٌ لِصَوْمِ ذَلِكَ الْيَوْمِ؛ لِأَنَّ صَوْمَ كُلِّ يَوْمٍ عِبَادَةٌ عَلَى حِدَةٍ مُخْتَصٌّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute