للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْوَصْفِ) ، وَهُوَ التَّمَكُّنُ مِنْ الزِّرَاعَةِ؛ لِأَنَّ الزِّرَاعَةَ عِمَارَةُ الدُّنْيَا وَإِعْرَاضٌ عَنْ الْجِهَادِ فَصَارَ سَبَبًا لِلْمَذَلَّةِ. (وَلِذَلِكَ لَمْ يَجْتَمِعَا عِنْدَنَا) أَيْ لِأَجْلِ ثُبُوتِ وَصْفِ الْعِبَادَةِ فِي الْعُشْرِ وَثُبُوتِ وَصْفِ الْعُقُوبَةِ فِي الْخَرَاجِ، لَمْ يَجْتَمِعْ الْعُشْرُ وَالْخَرَاجُ عِنْدَنَا خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. وَلِلطَّهَارَةِ إرَادَةُ الصَّلَاةِ وَالْحَدَثُ شَرْطٌ وَلِلْحُدُودِ وَالْعُقُوبَاتِ مَا نُسِبَتْ إلَيْهِ مِنْ سَرِقَةٍ وَقَتْلٍ وَلِلْكَفَّارَاتِ مَا نُسِبَتْ إلَيْهِ مِنْ أَمْرٍ دَائِرٍ بَيْنَ الْحَظْرِ وَالْإِبَاحَةِ (وَلِشَرْعِيَّةِ الْمُعَامَلَاتِ الْبَقَاءُ الْمُقَدَّرُ)

أَيْ لِلْعَالَمِ (وَلِلِاخْتِصَاصَاتِ الشَّرْعِيَّةِ التَّصَرُّفَاتُ الْمَشْرُوعَةُ كَالْبَيْعِ وَالنِّكَاحِ وَنَحْوِهِمَا) .

(وَاعْلَمْ أَنَّ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الْحُكْمُ إنْ كَانَ شَيْئًا لَا يُدْرِكُ الْعَقْلُ تَأْثِيرَهُ، وَلَا يَكُونُ بِصُنْعِ

ــ

[التلويح]

بِشَرَائِطِ وُجُودِهِ مُنْفَرِدٌ بِالِانْتِقَاضِ بِطَرَيَانِ نَوَاقِضِهِ فَيَتَعَلَّقُ بِسَبَبٍ عَلَى حِدَةٍ، وَأَمَّا جَوَازُ النِّيَّةِ بِاللَّيْلِ وَوُجُوبُ الْقَضَاءِ عَلَى مَنْ أَفَاقَ فِي بَعْضِ الشَّهْرِ، فَقَدْ مَرَّ بَيَانُهُ فِي بَابِ الْأَمْرِ.

(قَوْلُهُ: " وَعَنْ " إمَّا لِانْتِزَاعِ الْحُكْمِ) يَعْنِي أَنَّ كَلِمَةَ عَنْ تَدُلُّ عَلَى انْتِزَاعِ الشَّيْءِ عَنْ الشَّيْءِ وَانْفِصَالِهِ عَنْهُ؛ لِأَنَّهَا لِلْبُعْدِ وَالْمُجَاوَزَةِ، فَإِذَا وَقَعَتْ صِلَةً لِلْأَدَاءِ فَهِيَ بِحُكْمِ الِاسْتِقْرَارِ إمَّا أَنْ تَكُونَ لِانْتِزَاعِ الْحُكْمِ عَنْ السَّبَبِ كَمَا يُقَالُ: أَدَّى الزَّكَاةَ عَنْ مَالِهِ وَالْخَرَاجَ عَنْ أَرْضِهِ، أَوْ تَكُونُ لِلدَّلَالَةِ عَلَى أَنَّ مَا وَجَبَ عَلَى مَحَلٍّ قَدْ أَدَّاهُ عَنْهُ غَيْرُهُ كَأَنَّهُ نَائِبٌ عَنْهُ كَمَا يُقَالُ: أَدَّى الْعَاقِلَةُ الدِّيَةَ عَنْ الْقَاتِلِ وَحَمْلُ الْحَدِيثِ عَنْ الْمَعْنَى الثَّانِي بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي الْوُجُوبَ عَلَى الْعَبْدِ وَالْكَافِرِ وَالْفَقِيرِ الَّذِينَ يَكُونُونَ فِي مُؤْنَةِ الْمُكَلَّفِ ضَرُورَةَ دُخُولِهِمْ فِيمَنْ تَمُونُونَ، وَهَذَا بَاطِلٌ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ لَا يَمْلِكُ شَيْئًا، فَلَا يُكَلَّفُ بِوُجُوبٍ مَالِيٍّ، وَالْكَافِرُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْقُرْبَةِ، وَالْفَقِيرُ مِمَّنْ يَجِبُ لَهُ، فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ وَيُصْرَفُ إلَيْهِ، فَلَا يُصْرَفُ عَنْهُ، إذْ لَا خَرَاجَ عَلَى الْخَرَابِ وَذَكَرَ فِي الْأَسْرَارِ مَا يَصْلُحُ جَوَابًا عَنْ هَذَا، وَهُوَ أَنَّ الْعَبْدَ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ إنْسَانٌ مُخَاطَبٌ، وَهَذِهِ صَدَقَةٌ فَالظَّاهِرُ أَنَّهَا عَلَيْهِ كَالنَّفَقَةِ وَالْمَوْلَى يَنُوبُ عَنْهُ وَلَكِنْ فِي الْحَقِيقَةِ لَا وُجُوبَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ الْتَحَقَ بِالْبَهِيمَةِ فِيمَا مُلِكَ عَلَيْهِ فَعَلَى أَصْلِ الْخِلْقَةِ الْوُجُوبُ عَلَى الْعَبْدِ وَعَلَى اعْتِبَارِ عَارِضِ الْمَمْلُوكِيَّةِ الْوُجُوبُ عَلَى الْمَوْلَى فَوَقَعَتْ كَلِمَةُ " عَنْ " إشَارَةً إلَى الْمَعْنَى الْأَصْلِيِّ وَهَكَذَا نَقُولُ فِي الصَّبِيِّ، وَأَمَّا الْكَافِرُ فَخَارِجٌ عَقْلًا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْقُرْبَةِ.

(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ تَضَاعُفِ الْوُجُوبِ) ، فَإِنَّهُ أَمْرٌ حَقِّيٌّ لَا يَحْتَمِلُ الِاسْتِعَارَةَ الَّتِي هِيَ مِنْ أَوْصَافِ اللَّفْظِ كَذَا قِيلَ: وَلَيْسَ بِسَدِيدٍ؛ لِأَنَّ مُرَادَ السَّائِلِ بِالِاسْتِعَارَةِ أَنَّهُ كَمَا جَازَ الْإِضَافَةُ إلَى غَيْرِ السَّبَبِ مَجَازًا فَلْيَجُزْ تَضَاعُفُ الْوُجُوبِ بِتَضَاعُفِ غَيْرِ السَّبَبِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يُشْبِهُ السَّبَبَ فِي احْتِيَاجِ الْحُكْمِ إلَيْهِ.

فَالْجَوَابُ أَنَّ الْإِضَافَةَ إلَى غَيْرِ السَّبَبِ وَارِدٌ فِي الشَّرْعِ كَحَجَّةِ الْإِسْلَامِ وَصَلَاةِ الْمُسَافِرِ وَتَضَاعُفُ الْوُجُوبِ بِتَضَاعُفِ غَيْرِ السَّبَبِ لَيْسَ بِوَارِدٍ إلَّا أَنْ يُجْعَلَ تَضَاعُفًا لِلسَّبَبِ كَالْحَوْلِ عَلَى مَا مَرَّ، وَأَمَّا تَكَرُّرُ الْوَاجِبِ

<<  <  ج: ص:  >  >>