للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُكَلَّفِ كَالْوَقْتِ لِلصَّلَاةِ يُخَصُّ بِاسْمِ السَّبَبِ وَإِنْ كَانَ بِصُنْعِهِ فَإِنْ كَانَ الْغَرَضُ مِنْ وَضْعِهِ ذَلِكَ الْحُكْمَ كَالْبَيْعِ لِلْمِلْكِ، فَهُوَ عِلَّةٌ وَيُطْلَقُ عَلَيْهِ اسْمُ السَّبَبِ أَيْضًا مَجَازًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُوَ الْغَرَضُ) كَالشِّرَاءِ لِمِلْكِ الْمُتْعَةِ فَإِنَّ الْعَقْلَ لَا يُدْرِكُ تَأْثِيرَ لَفْظِ اشْتَرَيْت فِي هَذَا الْحُكْمِ، وَهُوَ بِصُنْعِ الْمُكَلَّفِ وَلَيْسَ الْغَرَضُ مِنْ الشِّرَاءِ مِلْكَ الْمُتْعَةِ بَلْ مِلْكَ الرَّقَبَةِ (فَهُوَ سَبَبٌ وَإِنْ أَدْرَكَ الْعَقْلُ تَأْثِيرَهُ كَمَا ذَكَرْنَا فِي الْقِيَاسِ يُخَصُّ بِاسْمِ الْعِلَّةِ) .

(وَأَمَّا الشَّرْطُ، فَهُوَ إمَّا شَرْطٌ مَحْضٌ، وَهُوَ حَقِيقِيٌّ) كَالشَّهَادَةِ لِلنِّكَاحِ وَالْوُضُوءِ لِلصَّلَاةِ أَوْ جَعْلِيٌّ، وَهُوَ بِكَلِمَةِ الشَّرْطِ، أَوْ دَلَالَتِهَا. نَحْوُ: الْمَرْأَةُ الَّتِي أَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ وَقَدْ مَرَّ أَنَّ أَثَرَ التَّعْلِيقِ عِنْدَنَا مَنْعُ الْعِلِّيَّةِ، وَعِنْدَهُ مَنْعُ الْحُكْمِ

ــ

[التلويح]

بِتَكَرُّرِ الْوَقْتِ فَتَكَرُّرٌ بِتَكَرُّرِ السَّبَبِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ السَّبَبَ هُوَ الرَّأْسُ بِصِفَةِ الْمُؤْنَةِ وَالْمُؤْنَةُ يَتَكَرَّرُ وُجُوبُهَا بِتَكَرُّرِ الْحَاجَةِ، وَالشَّرْعُ جَعَلَ مِثْلَ يَوْمِ الْفِطْرِ وَقْتَ الْحَاجَةِ فَتَجَدُّدُهُ مُتَجَدِّدٌ لِلْحَاجَةِ.

(قَوْلُهُ: فَهَذَا الدَّلِيلُ أَقْوَى) إشَارَةٌ إلَى دَفْعِ مَا يُتَوَهَّمُ مِنْ أَنَّ التَّرْجِيحَ بِكَثْرَةِ الْأَدِلَّةِ، وَهُوَ أَنَّ دَلِيلَ سَبَبِيَّةِ الْفِطْرِ هُوَ الْإِضَافَةُ فَقَطْ وَدَلِيلَ سَبَبِيَّةِ الرَّأْسِ هُوَ الْإِضَافَةُ وَغَيْرُهَا فَصَرَّحَ بِأَنَّهُ تَرْجِيحٌ بِالْقُوَّةِ.

(قَوْلُهُ: وَأَيْضًا وَصْفُ الْمُؤْنَةِ يُرَجِّحُ سَبَبِيَّةَ الرَّأْسِ) لِأَنَّ تَعْلِيقَ الْحُكْمِ بِوَصْفِ الْمُؤْنَةِ فِي قَوْلِهِ: - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «أَدُّوا عَمَّنْ تَمُونُونَ» يُشْعِرُ بِأَنَّ هَذِهِ الصَّدَقَةَ تَجِبُ وُجُوبَ الْمُؤَنِ وَالْأَصْلُ فِي وُجُوبِ الْمُؤَنِ رَأْسٌ يَلِي عَلَيْهِ كَمَا فِي الْعَبِيدِ وَالْبَهَائِمِ فَفِيهِ تَنْبِيهٌ أَيْضًا عَلَى اعْتِبَارِ الْمُؤْنَةِ وَالْوِلَايَةِ.

(قَوْلُهُ: وَلِلْحَجِّ) أَيْ سَبَبُ الْوُجُوبِ لِلْحَجِّ هُوَ الْبَيْتُ بِدَلِيلِ الْإِضَافَةِ لَا الْوَقْتُ أَوْ الِاسْتِطَاعَةُ إذْ لَا إضَافَةَ إلَيْهِ، وَلَا يَتَكَرَّرُ بِتَكَرُّرِهِ مَعَ صِحَّةِ الْأَدَاءِ بِدُونِ الِاسْتِطَاعَةِ كَمَا فِي الْفَقِيرِ بَلْ الْوَقْتُ شَرْطٌ لِجَوَازِ الْأَدَاءِ وَالِاسْتِطَاعَةُ لِوُجُوبِهِ إذْ لَا جَوَازَ بِدُونِ الْوَقْتِ، وَلَا وُجُوبَ بِدُونِ اسْتِطَاعَةٍ.

(قَوْلُهُ: وَلِلْعُشْرِ) يَعْنِي أَنَّ سَبَبَ كُلٍّ مِنْ الْعُشْرِ وَالْخَرَاجِ هُوَ الْأَرْضُ النَّامِيَةُ إلَّا أَنَّهَا سَبَبٌ لِلْعُشْرِ بِالنَّمَاءِ الْحَقِيقِيِّ وَلِلْخَرَاجِ بِالنَّمَاءِ التَّقْدِيرِيِّ، وَهُوَ التَّمَكُّنُ مِنْ الزِّرَاعَةِ وَالِانْتِفَاعِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْعُشْرَ مُقَدَّرٌ بِجِنْسِ الْخَارِجِ فَلَا بُدَّ مِنْ حَقِيقَتِهِ وَالْخَرَاجُ مُقَدَّرٌ بِالدَّرَاهِمِ فَيَكْفِي النَّمَاءُ التَّقْدِيرِيُّ فَقَوْلُهُ: بِحَقِيقَةِ الْخَارِجِ مُتَعَلِّقٌ بِالنَّامِيَةِ، ثُمَّ كُلٌّ مِنْ الْعُشْرِ وَالْخَرَاجِ مُؤْنَةٌ لِلْأَرْضِ حَتَّى لَا يُعْتَبَرَ فِيهِ الْأَهْلِيَّةُ الْكَامِلَةُ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى حَكَمَ بِبَقَاءِ الْعَالَمِ إلَى الْحِينِ الْمَوْعُودِ وَذَلِكَ بِالْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا فَتَجِبُ عِمَارَتُهَا وَالنَّفَقَةُ عَلَيْهَا كَالْعَبِيدِ وَالدَّوَابِّ فَيَلْزَمُ الْخَرَاجُ لِلْمُقَاتِلَةِ الذَّابِّينَ عَنْ الدَّارِ الْحَامِينَ لَهَا عَنْ الْأَعْدَاءِ وَالْعُشْرُ لِلْمُحْتَاجِينَ وَالضُّعَفَاءِ الَّذِينَ بِهِمْ يُسْتَنْزَلُ النَّصْرُ عَلَى الْأَعْدَاءِ وَيُسْتَمْطَرُ فِي السَّنَةِ الشَّهْبَاءِ فَتَكُونُ النَّفَقَةُ عَلَى الْفَرِيقَيْنِ نَفَقَةً عَلَى الْأَرْضِ تَقْدِيرًا، ثُمَّ بِاعْتِبَارِ النَّمَاءِ الْحَقِيقِيِّ الْعُشْرُ عِبَادَةٌ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ جُزْءٌ مِنْ النَّمَاءِ أَعْنِي الْخَارِجَ مِنْ الْأَرْضِ قَلِيلًا مِنْ كَثِيرٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>