للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -؛ لِأَنَّ الْقَضَاءَ بِالْعِتْقِ يَنْفُذُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا عِنْدَهُ فَالْعِلَّةُ لَا تَصْلُحُ لِضَمَانِ الْعِتْقِ) ؛ لِأَنَّ الْعِلَّةَ قَضَاءُ الْقَاضِي وَإِنَّمَا لَا تَصْلُحُ لِلضَّمَانِ لِكَوْنِهِ غَيْرَ مُتَعَدٍّ فَإِنَّهُ قَضَى بِنَاءً عَلَى شَهَادَةِ شَاهِدَيْنِ. (بِخِلَافِ رُجُوعِ الْفَرِيقَيْنِ) أَيْ شُهُودِ الشَّرْطِ وَشُهُودِ الْيَمِينِ فَإِنَّ الْعِلَّةَ تَصْلُحُ

ــ

[التلويح]

بِالْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ الْعَمَلِيَّةِ عَلَى مَا مَرَّ فَهِيَ إمَّا أَنْ تَتَعَلَّقَ بِأَمْرِ الْآخِرَةِ وَهِيَ الْعِبَادَاتُ، أَوْ بِأَمْرِ الدُّنْيَا وَهِيَ إمَّا أَنْ تَتَعَلَّقَ بِبَقَاءِ الشَّخْصِ وَهِيَ الْمُعَامَلَاتُ، أَوْ بِبَقَاءِ النَّوْعِ بِاعْتِبَارِ الْمَنْزِلِ وَهِيَ الْمُنَاكَحَاتُ، أَوْ بِاعْتِبَارِ الْمَدَنِيَّةِ وَهِيَ الْعُقُوبَاتُ وَبِهَذَا الِاعْتِبَارِ وَالتَّرْتِيبِ جَعَلَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْفِقْهَ أَرْبَعَةَ أَرْكَانٍ فَأَسْبَابُ كُلٍّ مِنْ ذَلِكَ مَا يُنَاسِبُهُ عَلَى التَّفْصِيلِ.

(قَوْلُهُ: وَاعْلَمْ) أَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْمُتَعَارَفُ فِي الْعِلَّةِ وَالسَّبَبِ مَا يَكُونُ لَهُ نَوْعُ تَأْثِيرٍ، وَلَا يُوجَدُ ذَلِكَ فِي بَعْضِ مَا جُعِلَ عِلَّةً وَسَبَبًا لِلْأَحْكَامِ وَكَانَ الْمُصْطَلَحُ فِيمَا سَبَقَ أَنَّ لِلْعِلَّةِ تَأْثِيرًا دُونَ السَّبَبِ وَكَانَ بَعْضُ مَا سَمَّاهُ هَاهُنَا سَبَبًا قَدْ جَعَلَهُ فِيمَا سَبَقَ عِلَّةً وَنَفَى كَوْنَهُ سَبَبًا أَشَارَ هَاهُنَا إلَى اخْتِلَافِ الِاصْطِلَاحَاتِ إزَالَةً لِلِاسْتِبْعَادِ وَنَفْيًا لِوَهْمِ الِاعْتِرَاضِ، وَهَذِهِ الِاصْطِلَاحَاتُ مَأْخُوذَةٌ مِنْ إطْلَاقَاتِ الْقَوْمِ، وَلَا مُشَاحَّةَ فِيهَا

(قَوْلُهُ: وَأَمَّا الشَّرْطُ، فَهُوَ) عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَرْبَعَةٌ: شَرْطٌ مَحْضٌ وَشَرْطٌ فِيهِ مَعْنَى الْعِلَّةِ وَشَرْطٌ فِيهِ مَعْنَى السَّبَبِيَّةِ وَشَرْطٌ مَجَازًا أَيْ اسْمًا وَمَعْنًى لَا حُكْمًا.

وَوَجْهُ الضَّبْطِ أَنَّ وُجُودَ الْحُكْمِ إنْ لَمْ يَكُنْ مُضَافًا إلَيْهِ، فَهُوَ الرَّابِعُ كَأَوَّلِ الشَّرْطَيْنِ اللَّذَيْنِ عُلِّقَ بِهِمَا الْحُكْمُ، وَإِنْ كَانَ فَإِنْ تَخَلَّلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحُكْمِ فِعْلُ فَاعِلٍ مُخْتَارٍ غَيْرِ مَنْسُوبٍ إلَيْهِ وَكَانَ غَيْرَ مُتَّصِلٍ بِالْحُكْمِ، فَهُوَ الثَّالِثُ كَحَلِّ قَيْدِ الْعَبْدِ، وَإِلَّا فَإِنْ لَمْ تُعَارِضْهُ عِلَّةٌ تَصْلُحُ لِإِضَافَةِ الْحُكْمِ إلَيْهَا، فَهُوَ الثَّانِي كَشَقِّ الزِّقِّ، وَإِنْ عَارَضَتْهُ، فَهُوَ الْأَوَّلُ كَدُخُولِ الدَّارِ فِي أَنْتِ طَالِقٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ.

وَذَكَرَ فَخْرُ الْإِسْلَامِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قِسْمًا خَامِسًا سَمَّاهُ شَرْطًا فِي مَعْنَى الْعَلَامَةِ، وَهُوَ الْعَلَامَةُ نَفْسُهَا لِمَا أَنَّ الْعَلَامَةَ عِنْدَهُمْ مِنْ أَقْسَامِ الشَّرْطِ وَلِذَا سَمَّى صَاحِبُ الْهِدَايَةِ الْإِحْصَانَ شَرْطًا مَحْضًا بِمَعْنَى أَنَّهُ عَلَامَةٌ لَيْسَ فِيهَا مَعْنَى الْعِلِّيَّةِ وَالسَّبَبِيَّةِ، وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ الشَّرْطَ إنْ لَمْ تُعَارِضْهُ عِلَّةٌ فَهِيَ فِي مَعْنَى الْعِلَّةِ، وَإِنْ عَارَضَتْهُ، فَإِنْ كَانَ سَابِقًا كَانَ فِي مَعْنَى الْعِلَّةِ، وَإِنْ كَانَ مُقَارِنًا، أَوْ مُتَرَاخِيًا، فَهُوَ الشَّرْطُ الْمَحْضُ. وَفِيهِ نَظَرٌ.

(قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ الشَّرْطُ الْمَحْضُ إمَّا حَقِيقِيٌّ يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ الشَّيْءُ فِي الْوَاقِعِ، أَوْ بِحُكْمِ الشَّارِعِ حَتَّى لَا يَصِحَّ الْحُكْمُ بِدُونِهِ أَصْلًا كَالشُّهُودِ لِلنِّكَاحِ، أَوْ يَصِحَّ إلَّا عِنْدَ تَعَذُّرِهِ كَالطَّهَارَةِ لِلصَّلَاةِ وَإِمَّا جَعْلِيٌّ يَعْتَبِرُهُ الْمُكَلَّفُ وَيُعَلِّقُ عَلَيْهِ تَصَرُّفَاتِهِ إمَّا بِكَلِمَةِ الشَّرْطِ. مِثْلُ: إنْ تَزَوَّجْتُكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ، أَوْ بِدَلَالَةِ كَلِمَةِ الشَّرْطِ بِأَنْ يَدُلَّ الْكَلَامُ عَلَى التَّعْلِيقِ دَلَالَةَ كَلِمَةِ الشَّرْطِ عَلَيْهِ. مِثْلُ: الْمَرْأَةُ الَّتِي أَتَزَوَّجُهَا فَهِيَ طَالِقٌ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى إنْ تَزَوَّجْت امْرَأَةً فَهِيَ طَالِقٌ بِاعْتِبَارِ أَنَّ تَرَتُّبَ الْحُكْمِ

<<  <  ج: ص:  >  >>