لِلضَّمَانِ؛ لِأَنَّهَا أَثْبَتَتْ الْعِتْقَ بِطَرِيقِ التَّعَدِّي. (وَعِنْدَهُمَا لَا يَضْمَنَانِ؛ لِأَنَّ الْقَضَاءَ لَا يَنْفُذُ فِي الْبَاطِنِ فَيَعْتِقُ بِحَلِّ الْقَيْدِ. وَكَذَا حَافِرُ الْبِئْرِ)
عَطْفٌ عَلَى الْمِثَالَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ وَهُمَا رُجُوعُ شُهُودِ الشَّرْطِ وَمَسْأَلَةُ الْقَيْدِ وَالتَّشْبِيهُ فِي أَنَّ هُنَاكَ شَرْطًا لَا تُعَارِضُهُ عِلَّةٌ تَصْلُحُ لِإِضَافَةِ
ــ
[التلويح]
عَلَى الْوَصْفِ تَعْلِيقٌ لَهُ بِهِ كَالشَّرْطِ.
(قَوْلُهُ: وَقَدْ مَرَّ) إشَارَةٌ إلَى بَيَانِ الشَّرْطِ الْجَعْلِيِّ، وَأَنَّهُ لَيْسَ بِمَنْزِلَةِ الشَّرْطِ الْحَقِيقِيِّ بِحَيْثُ لَا يَصِحُّ الْحُكْمُ بِدُونِهِ.
(قَوْلُهُ: فَيُضَافُ) أَيْ إذَا لَمْ يُعَارِضْ الشَّرْطَ عِلَّةٌ صَالِحَةٌ لِإِضَافَةِ الْحُكْمِ إلَيْهَا فَالْحُكْمُ يُضَافُ إلَى الشَّرْطِ؛ لِأَنَّهُ يُشَابِهُ الْعِلَّةَ فِي تَوَقُّفِ الْحُكْمِ عَلَيْهِ بِخِلَافِ مَا إذَا وُجِدَتْ حَقِيقَةُ الْعِلَّةِ الصَّالِحَةِ، فَإِنَّهُ لَا عِبْرَةَ حِينَئِذٍ بِالشَّبَهِ وَالْحَلِفِ، فَلَوْ شَهِدَ قَوْمٌ بِأَنَّ رَجُلًا عَلَّقَ طَلَاقَ امْرَأَتِهِ الْغَيْرِ الْمَدْخُولَةِ بِدُخُولِ الدَّارِ وَآخَرُونَ بِأَنَّهَا دَخَلَتْ الدَّارَ وَقَضَى الْقَاضِي بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ وَلُزُومِ نِصْفِ الْمَهْرِ، فَإِنْ رَجَعَ شُهُودُ دُخُولِ الدَّارِ وَحْدَهُمْ ضَمِنُوا لِلزَّوْجِ مَا أَدَّاهُ إلَى الْمَرْأَةِ مِنْ نِصْفِ الْمَهْرِ؛ لِأَنَّهُمْ شُهُودُ الشَّرْطِ السَّالِمِ عَنْ مُعَارَضَةِ الْعِلَّةِ الصَّالِحَةِ لِإِضَافَةِ الْحُكْمِ إلَيْهَا، وَإِذَا رَجَعَ شُهُودُ دُخُولِ الدَّارِ وَشُهُودُ الْيَمِينِ أَيْ التَّعْلِيقِ جَمِيعًا فَالضَّمَانُ عَلَى شُهُودِ التَّعْلِيقِ؛ لِأَنَّهُمْ شُهُودُ الْعِلَّةِ إمَّا بِاعْتِبَارِ مَا يَئُولُ إلَيْهِ بِاعْتِبَارِ أَنَّ الْعِلَّةَ أَعَمُّ مِنْ الْحَقِيقَةِ وَمِمَّا فِيهِ مَعْنَى السَّبَبِيَّةِ، أَوْ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ بَعْدَ شَهَادَةِ الْفَرِيقَيْنِ وَقَضَاءِ الْقَاضِي اتَّصَلَ الْحُكْمُ بِالْعِلَّةِ فَكَمَّلَ الْعِلِّيَّةَ وَمَعَ وُجُودِ الْعِلَّةِ الصَّالِحَةِ لِإِضَافَةِ الْحُكْمِ إلَيْهَا لَا جِهَةَ لِلْإِضَافَةِ إلَى الشَّرْطِ.
فَإِنْ قِيلَ: لَوْ شَهِدَ قَوْمٌ بِأَنَّهُ تَزَوَّجَ هَذِهِ الْمَرْأَةَ بِأَلْفٍ وَآخَرُونَ بِأَنَّهُ دَخَلَ بِهَا، ثُمَّ رَجَعَ الْفَرِيقَانِ فَالضَّمَانُ عَلَى شُهُودِ الدُّخُولِ مَعَ أَنَّهُ شَرْطٌ وَالتَّزَوُّجُ عِلَّةٌ.
قُلْنَا: هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ شُهُودَ الدُّخُولِ أَبْرَءُوا شُهُودَ النِّكَاحِ عَنْ الضَّمَانِ حَيْثُ أَدْخَلُوا فِي مِلْكِ الزَّوْجِ عِوَضَ مَا غَرِمَ مِنْ الْمَهْرِ، وَهُوَ اسْتِيفَاءُ مَنَافِعِ الْبُضْعِ بِخِلَافِ مَا نَحْنُ فِيهِ.
(قَوْلُهُ: كَشُهُودِ التَّخْيِيرِ) ، فَإِنَّهُ سَبَبٌ لِكَوْنِهِ مُفْضِيًا إلَى الْحُكْمِ فِي الْجُمْلَةِ وَالِاخْتِيَارُ عِلَّةٌ يَحْصُلُ بِهَا لُزُومُ الْمَهْرِ فَالْحُكْمُ يُضَافُ إلَى الْعِلَّةِ دُونَ السَّبَبِ.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ قَالَ) لَمَّا شَرَطَ فِي إضَافَةِ الْحُكْمِ إلَى الشَّرْطِ أَنْ لَا تُعَارِضَهُ عِلَّةٌ صَالِحَةٌ لِإِضَافَةِ الْحُكْمِ إلَيْهَا، أَوْرَدَ مِثَالًا لَيْسَ فِيهِ مُعَارَضَةُ الْعِلَّةِ أَصْلًا، وَهُوَ مَا إذَا رَجَعَ شُهُودُ الشَّرْطِ فَقَطْ وَحُكْمُهُ وُجُوبُ الضَّمَانِ عَلَيْهِمْ عَلَى مَا ذَكَرَهُ فَخْرُ الْإِسْلَامِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَأَمَّا الْمَذْكُورُ فِي أُصُولِ الْإِمَامِ السَّرَخْسِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَأَبِي الْيُسْرِ فَهُوَ أَنَّهُمْ لَا يَضْمَنُونَ شَيْئًا، وَهُوَ الْمَنْصُوصُ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ، ثُمَّ أَوْرَدَ مِثَالًا يُوجِبُ فِيهِ مُعَارَضَةَ الْعِلَّةِ الصَّالِحَةِ لِإِضَافَةِ الْحُكْمِ إلَيْهَا، وَهُوَ مَا إذَا رَجَعَ شُهُودُ الشَّرْطِ وَالْيَمِينِ جَمِيعًا ثُمَّ مِثَالًا يُوجَدُ فِيهِ مُعَارَضَةُ الْعِلَّةِ لَكِنَّهَا لَا تَصْلُحُ لِإِضَافَةِ الْحُكْمِ إلَيْهَا وَهُوَ مَا إذَا قَالَ رَجُلٌ إنْ كَانَ قَيْدُ عَبْدِهِ عَشَرَةَ أَرْطَالٍ فَعَبْدُهُ حُرٌّ، ثُمَّ قَالَ: وَإِنْ حَلَّ أَحَدٌ قَيْدَ الْعَبْدِ، فَهُوَ حُرٌّ فَشَهِدَ شَاهِدَانِ بِأَنَّ الْقَيْدَ عَشَرَةُ أَرْطَالٍ وَقَضَى الْقَاضِي بِعِتْقِ عَبْدِهِ فَحَلَّ الْمَوْلَى قَيْدَ الْعَبْدِ، فَإِذَا هُوَ ثَمَانِيَةُ أَرْطَالٍ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute