للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْحُكْمِ إلَيْهَا وَالشَّرْطُ هُوَ الْحَفْرُ؛ لِأَنَّ عِلَّةَ السُّقُوطِ هُوَ الثِّقَلُ لَكِنَّ الْأَرْضَ مَانِعَةٌ عَنْ السُّقُوطِ فَبِإِزَالَةِ الْمَانِعِ صَارَتْ شَرْطًا لِلسُّقُوطِ، ثُمَّ بَيَّنَ أَنَّ الْعِلَّةَ لَا تَصْلُحُ لِإِضَافَةِ الْحُكْمِ، وَهُوَ الضَّمَانُ إلَيْهَا بِقَوْلِهِ: (فَإِنَّ الثِّقَلَ عِلَّةُ السُّقُوطِ، وَهُوَ أَمْرٌ طَبِيعِيٌّ وَالْمَشْيُ مُبَاحٌ، فَلَا يَصْلُحَانِ

ــ

[التلويح]

يَضْمَنُ الشَّاهِدَانِ قِيمَةَ الْعَبْدِ؛ لِأَنَّ قَضَاءَ الْقَاضِي نَافِذٌ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا لِابْتِنَائِهِ عَلَى دَلِيلٍ شَرْعِيٍّ وَاجِبِ الْعَمَلِ بِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ صِيَانَتِهِ عَنْ الْبُطْلَانِ بِإِثْبَاتِ التَّصَرُّفِ الْمَشْهُودِ بِهِ مُقَدَّمًا عَلَى الْقَضَاءِ بِطَرِيقِ الِاقْتِضَاءِ بِخِلَافِ مَا إذَا بَانَ الشُّهُودُ عَبِيدًا، أَوْ كُفَّارًا، فَإِنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِالْقَضَاءِ حِينَئِذٍ لِإِمْكَانِ الْوُقُوفِ عَلَى حَقِيقَةِ الرِّقِّ وَالْكُفْرِ. وَفِيمَا نَحْنُ فِيهِ قَدْ سَقَطَ حَقِيقَةُ مَعْرِفَةِ وَزْنِ الْقَيْدِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ إلَّا بِحَلِّ الْقَيْدِ، وَإِذَا حَلَّهُ يَعْتِقُ الْعَبْدُ، وَإِذَا نَفَذَ الْقَضَاءُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا تَحَقَّقَ الْعِتْقُ قَبْلَ الْحِلِّ، فَلَمْ يُمْكِنْ إضَافَتُهُ إلَيْهِ وَالْعِلَّةُ أَعْنِي التَّعْلِيقَ غَيْرُ صَالِحَةٍ لِلْإِضَافَةِ إلَيْهَا؛ لِأَنَّهَا تَصَرُّفٌ مِنْ الْمَالِكِ فِي مِلْكِهِ مِنْ غَيْرِ تَعَدٍّ، وَلَا جِنَايَةٍ كَمَا إذَا بَاعَ مَالَ نَفْسِهِ، أَوْ أَكَلَ طَعَامَ نَفْسِهِ فَتَعَيَّنَ الْإِضَافَةُ إلَى الشَّرْطِ، وَهُوَ كَوْنُ الْقَيْدِ عَشَرَةَ أَرْطَالٍ وَالشُّهُودُ قَدْ تَعَدَّوْا بِالْكَذِبِ الْمَحْضِ فَيَجِبُ الضَّمَانُ عَلَيْهِمْ.

وَعِنْدَهُمَا يَنْفُذُ الْقَضَاءُ ظَاهِرًا لَا بَاطِنًا؛ لِأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى الْحُجَّةِ الْبَاطِلَةِ إلَّا أَنَّ الْعَدَالَةَ الظَّاهِرَةَ دَلِيلُ الصِّدْقِ ظَاهِرًا فَيُعْتَبَرُ حُجَّةً فِي وُجُوبِ الْعَمَلِ، وَإِذَا لَمْ يَنْفُذْ بَاطِنًا كَانَ الْعَبْدُ رَقِيقًا بَعْدَ الْقَضَاءِ وَيَعْتِقُ بِحَلِّ الْمَوْلَى قَيْدَهُ، فَلَا يَضْمَنُ الشُّهُودُ.

وَمَا ذَكَرْنَا مِنْ أَنَّ الْعِلَّةَ هِيَ يَمِينُ الْمَالِكِ أَعْنِي تَعْلِيقَهُ الْعِتْقَ هُوَ الْمَذْكُورُ فِي أُصُولِ فَخْرِ الْإِسْلَامِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَغَيْرِهِ، وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا تَقَرَّرَ عِنْدَهُمْ مِنْ أَنَّ عِلَلَ الِاخْتِصَاصَاتِ الشَّرْعِيَّةِ هِيَ التَّصَرُّفَاتُ الْمَشْرُوعَةُ حَتَّى لَوْ ادَّعَى شِرَاءَ الدَّارِ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ وَقَضَى الْقَاضِي كَانَتْ عِلَّةُ الْمِلْكِ هِيَ الشِّرَاءُ دُونَ الْقَضَاءِ فَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مِنْ أَنَّ الْعِلَّةَ هِيَ قَضَاءُ الْقَاضِي بِوُقُوعِ الْعِتْقِ مَحَلُّ نَظَرٍ. وَالْعَجَبُ أَنَّهُ صَرَّحَ فِي مَسْأَلَةِ رُجُوعِ الْفَرِيقَيْنِ أَعْنِي شُهُودَ التَّعْلِيقِ وَشُهُودَ الشَّرْطِ بِأَنَّ الْعِلَّةَ هِيَ شُهُودُ التَّعْلِيقِ وَهِيَ صَالِحَةٌ لِإِضَافَةِ الضَّمَانِ إلَيْهَا؛ لِأَنَّهَا أَثْبَتَتْ الْعِتْقَ بِطَرِيقِ التَّعَدِّي حَيْثُ ظَهَرَ كَذِبُهُمْ بِالرُّجُوعِ فَلِمَ كَانَتْ الْعِلَّةُ فِي مَسْأَلَةِ حَلِّ الْقَيْدِ هِيَ قَضَاءُ الْقَاضِي دُونَ تَعْلِيقِ الْمَالِكِ وَالتَّحْقِيقُ أَنَّهُ بَانَ فِي الصُّورَتَيْنِ أَنَّ الْعِتْقَ لَمْ يَكُنْ مُتَحَقِّقًا فِي الْوَاقِعِ، وَإِنَّمَا لَزِمَ بِقَضَاءِ الْقَاضِي الْمَبْنِيِّ عَلَى الشَّهَادَةِ الْبَاطِلَةِ، وَهُوَ حُكْمٌ يُؤَدِّي إلَى هَلَاكِ الْمَالِ فَفِي صُورَةِ رُجُوعِ الْفَرِيقَيْنِ شُهُودِ التَّعْلِيقِ عِلَّةٌ مُتَعَدِّيَةٌ صَالِحَةٌ لِإِضَافَةِ الضَّمَانِ إلَيْهَا، فَلَا يُضَافُ إلَى شُهُودِ الشَّرْطِ أَعْنِي وُقُوعَ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ.

وَفِي مَسْأَلَةِ حَلِّ الْقَيْدِ الْعِلَّةُ غَيْرُ صَالِحَةٍ لِإِضَافَةِ الضَّمَانِ إلَيْهَا لِخُلُوِّهَا عَنْ مَعْنَى التَّعَدِّي فَيُضَافُ إلَى الشَّرْطِ، وَهُوَ شُهُودُ كَوْنِ الْقَيْدِ عَشَرَةَ أَرْطَالٍ لِتَعَدِّيهِمْ بِالْكَذِبِ الْمَحْضِ إذْ لَا مُسَاغَ لِلْإِضَافَةِ إلَى الْحَلِّ لِتَحَقُّقِ الْعِتْقِ قَبْلَهُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا مَعَ

<<  <  ج: ص:  >  >>